تُعلن الخطوط المكوكية عن انطلاق رحلتها المتجهة إلى المريخ.. وعلى السادة حاملي التذاكر الافتراضية التوجه إلى قاعة الإنطلاق.. وعلي رواد الفضاء الاستعداد لاستقبال الزائرين".. نداء يبدو في واقعة شيء من الخيال، ولكنه في واقع الأمر حُلم راود الكثير من العلماء، دائما نجدهم يبحثون عن الآلية والطريقة التي بهم يمكن السفر في رحلات سياحية إلى الكواكب المنتشرة في مجرتنا، أو حتي مجموعتنا الشمسية.
اليوم خرج هذا الحُلم من رحم مراكز الأبحاث العملاقة الضيقة، إلى رحاب أوسع من سطح الكرة الأرضية، وبمجرد أن أعلنت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا"، امكانية مشاركة أي شخص فى رحلتها للمريخ، والمزمع انطلاقها في مايو 2018، على أن تهبط على سطح الكوكب الأحمر في نوفمبر من العام نفسه، عن طريق إرسال اسمه لوضعه على الكوكب الأحمر منقوشا على رقائق السيليكون.
وكانت "ناسا" قد غردت علي صفحتها الرسمية علي موقع التواصل "توتير" قائلة: "أرسل اسمك إلى خارج عالمنا.. إلى المريخ.. إن رحلة "انسايت" ستحمل اسمك إلى الكوكب الأحمر إذا بعثته قبل الأول من نوفمبر".. في خطوة هامة فى اكتشاف الكوكب الأحمر، تري وكالة "ناسا"، أن كل من سيرسل اسمة سيُعد جزءا من اكتشاف المستقبل والفضاء، الذى لا نعرف كل شىء عنه بعد.
ومنذ أن تم الإعلان عن تلك الرحلة، وقبل ان يغلق الموقع الإلكتروني الرسمي للرحلة عن باب التسجيل، والذي اضطرت الوكالة لمد فترة التقديم به إلى ديسمبر القادم، سجل حتي اليوم ما يقرب من 2 مليون و429 ألف على رقاقة ميكروشيب التي تقع الآن على رأس إنسايت لاندر الروبوتية سيتم تنفيذها في مهمة إنسايت الفضائية، بينهم أكثر من 8500 مصري، تلتها السعودية بنحو 4500 طلب، ثم المغرب بحوالي 1800 طلب، ليتصدروا الدول العربية في قائمة أسماء رحلة المريخ.
كانت للإقبال الهائل لعملية التسجيل في رحلة المريخ دوره في اجبار وكالة ناسا علي إضافة رقاقة ميكروشيب الثانية في أوائل 2018، ليتمكن عشاق الفضاء من الاشتراك في الجولة الأخيرة، والفوز بـ"بطاقات الصعود إلى الطائرة"، القابلة للتنزيل على وسائل التواصل الاجتماعي، مع استكمال إجمالي عدد أميال الرحلة التي جمعوها من خلال المشاركة في مبادرات المشاركة لمهمات المريخ الأخرى.
الحقيقة أن تلك الخطوة من وكالة الفضاء الأمريكية لم تكن الأولي، ولكن سبقتها رحلة أخري شبيهة، فالمركبة الفضائية أوريون حملت أسماء 1.38 مليون شخص على رقائق أيضًا، حيث كانت رحلة أوريون التجربة الأولى للمركبة والرحلة الأولى من نوعها، والتى سوف تحمل رواد فضاء إلى القمر والمريخ وباقى الكويكبات لاكتشافها.
شريحة بالغة الدقة
أما عن الشريحة التي ستحمل أسماء الراغبين في الصعود إلى القمر، فقد قام المهندسون في مختبر الدفع النفاث، والتابع لوكالة ناسا الفضائية في باسادينا بكاليفورنيا، بوضع الأسماء على هذه الشريحة الصغيرة، والمصنوعه من رقاقة السيليكون، والتي يبلغ سمكها حوالي 0.8 سم مربع، اي ما يقرب من 8 مليمتر، وقاموا باستخدام شعاع إلكترون لكتابة أحرف صغيرة للغاية، وبخطوط دقيقة جدا، وتُعد أصغر من واحد في الألف من عرض الشعر البشري.
وتُعد رحلة انسايت الرحلة الأهم في تاريخ وكالة ناسا الفضائية، حيث انها المهمة الأولي التي ستبدو عميقة
عميقة تحت سطح المريخ، والهدف منها دراسة المناطق الداخلية للكوكب من خلال الاستماع للسلاسل الجبلية والهزات الأرضية، هذه الزلازل تنتقل عبر المواد الجيولوجية بسرعات مختلفة، وتعطي العلماء لمحة عن تكوين وهيكل الكوكب في الداخل، كما انها ستساعدههم في رؤى الكيفية التي تشكل بها المريخ، باعتبارة أحد الكواكب الصخرية.
محاولات سابقة
تعود محاولات علماء كوكب الارض لارتياد الكوكب الأحمر إلى نصف قرن مضت، حينما حاول السوفيت ارسال "سبوتنيك 24" سنة 1963، ولكنه فشل في مغادرة الأرض، وبعد 10 سنوات، وتحديدا في عام 1972، عاود السوفيت الكرة بارسال "مارس 2"، و"مارس 3" إلى كوكب المريخ، فتحكم الأول علي سطح المريخ، في حين وصل الثاني بهدوء ثم انقطع الاتصال بعد 20 ثانية، وفي 1974 نجح "مارس 6" في الهبوط علي سطح كوكب المريخ، ثم انقطع الاتصال.
في عام 1976 دخل الأمريكان السباق بإطلاق مسباران، وهم "فايكينج 1"، و"فايكينج 2"، عمل الأول 6 سنوات وعمل الثاني 3 سنوات و7 أشهر، وفي 1989 أعاد السوفيت المحاولة من جديد بعد توقف 15 سنة، وقام بإرسال "فوبوس 1"، و"فوبوس 2"، لم يصل الأول، في حين انقطع الاتصال قبل هبوط الثاني، وفي 1999 لم ينجح المسبار الأمريكي "مارس بولار لاندر" من الهبوط علي سطح المريخ، في حين تمكن المسباران الأمريكيان "سبيرت" و"أبورتيونيتي" في عام 2003، في الهبوط علي سطح المريخ، الأول عمل 6 سنوات وشهرين، أما الثاني فلايزال يتجول ويعمل علي سطح المريخ، بل ويبعث بالبيانات إلى الأرض.
كواكب أخري
المتابع لدراسات وأبحاث ومشاريع وكالة ناسا الفضائية، سيجدها دائمة البحث عن رحلات لدراسة الكواكب الأخري، فقد أرسلت عدد كبير من المسبارات لدراسة وفحص كواكب المجموعة الشمسية، أهمها مسبار "ميسنجر" إلى كوكب عطارد، لدراسة سطحه ومجاله المغناطيسي، وقد عُثر على رواسب بركانية، وأيضا المسبار "جونو" إلى كوكب المشتري ليلقي نظرة على جوه الكثيف ومعرفة التركيب الكيميائي له، وكذلك دراسة الأعاصير، وبصفة خاصة اعاصير البقعة الحمراء المميزة.
حظي كوكب "زحل" البعيد برحلة هو الأخر، حيث تمكن المسبار "كاسيني" من تسجيل مياه مالحة على سطح القمر "انكلادوس"، والتي قد تحتوي على بعض المواد العضوية، كما استكشف قمره "تيتان"، والذي يعتقد العلماء انه مشابه للأرض قبل نشأة الحياة عليها، كما تمكن المسبار "نيوهورايزونز" من الذهاب إلى كوكب بلوتو وحزام كايبر، علي أن تقوم بدراسة الكوكب وأقكارة، وحزام مذنبات ثلجية تحيط بالمجموعة الشمسية، كما غادر مسباري "فوياجر 1"، وفوياجر 2"، وقد المجموعة الشمسية ودخلا الفضاء بين النجوم، واللذان قاما بالعبور بالقرب من المشتري وزحل، كما قام "فوياجر 2" بدراسة أورانوس ونبتون.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية