رغم أنها الأكثر انتشارًا من حيث الأنواع المختلفة، إلا أنها، وطبقًا لتصنيف مؤسسات البيئة البحرية العالمية، مهددة بالإنقراض، فتلك السلاحف التي استوطنت البحر الأحمر، والتي تعد أحد أهم العوامل الجاذبة للسياحة علي أرض الصحراء الشرقية، يتواجد منها سبعة أنواع، تتباين في أحجامها وألوانها، ما جعلها تشكل بيئة فريدة لمحبي رياضة الغوص حول العالم.
وتُعد الترسة أو السلحفاة البحرية حيوانًا زاحفًا ينتمي إلي رتبة السلحفيات، ذوات الدم البارد، جسمها محمي بدرقة صلبة، تسمى باللغة العربية الفصحى "الأَطُوم"، ويطلق عليها العامة "الترسة البحرية"، وتشترك في نفس الخصائص التي تتميز بها كل الزواحف الأخري، أهم تلك الخصائص أنها تتنفس برئتين، ولها قلب مؤلف من أذينين اثنين وبطين واحد، ولديها القدرة علي التكيف مع درجة حرارة الوسط الخارجي، ولها جلد مقوى بحراشيف قرنية، وتضع بيضها في مكان جاف تقريباً ولا تحضنه، ويتألف هيكلها من أنسجة عظمية.
ليس للسلحفاة البحرية أسنان، ففمها يشبه إلي حد كبير المنقار القوي، ورغم ذلك تمتلك فكان قويان حادان خاليان من الأسنان، وقد تصل قوة ضغطه فمه التي تطحن الطعام حوالي ٨٠ كيلو جرام، تستوطن ساحل البحر الأحمر منذ ملايين السنين، واليوم ورغم انتشارها، وأنها تعد من أقدم الزواحف التى تعيش على البحار والمحيطات، تُعد أحد أهم الأنواع البحرية المُهددة بالإنقراض بشكل كبير، بعد أن اضطر مؤخرًا الإتحاد الدولى للحفاظ على الطبيعة على وضعها في القائمة الحمراء.
يعيش في البحر الأحمر خمسة أنواع من السلاحف منها 4 أنواع تم رصدهم بالساحل المصرى وهم السلحفاء الخضراء، وصقرية المنقار، وهما الأكثر تواجدا فى البحر الأحمر، والسلحفاء جلدية الظهر، والسلحفاء كبيرة الرأس، وتعتبر جزر البحر الأحمر أهم مناطق التعشيش للسلاحف الخضراء وصقرية المنقار، علي رأس تلك الجزر، جزيرة الجفتون ووادى الجمال والزبرجد، له ما جعلها تلعب دورًا هامًا فى عملية التنوع البيولوجى والسلسلة الغذائية، حيث تتميز بقدرتها على الهجرة لمسافات بعيدة بين مواطن التغذية والتعشيش، وتصل تلك الهجرات في بعض الأحيان إلى مئات أو آلاف الكيلومترات.
تقضي معظم سلاحف البحر الأحمر حياتها في أعماقه، وحول الجزر التي تمثل محميات طبيعية، مستخدمةً زعانفها في تنقلاتها أسفل القاع بحثًا علي الأعشاب، ولا تعود إلي الشاطئ إلا في موسم وضع البيض، وذلك في مطلع شهر مايو من كل عام، قد تضطر لقطع مسافات قد تصل إلي 300 كيلو متر من أجل وضع البيض في أماكن أمنه، فتقوم بالتعشيش على شواطئ الجزر المختلفة، وتحتوى جزيرة الزبرجد جنوب البحر الأحمر على أكبر عدد من السلاحف الخضراء للتعشيش، وفي الغالب تتزاوج السلاحف بعيداً عن أماكن وضع البيض ثم تعود الإناث لتلك الأماكن محملةً بما يقرب من 90 إلي 120 بيضة خلال فصل الصيف وخاصةً أثناء الليل.
تخرج السلاحف البحرية البالغة المخصبة إلي الشاطئ لوضع البيض كل سنتين إلي 4 سنوات، تقوم خلالها الأنثي بحفر ما يقرب من ثمانية أعشاش خلال نفس الموسم، فعلي سبيل المثال تصل السلاحف الخضراء إلي سن البلوغ عند عمر 25 سنة، وطبقًا للتقارير الرسمية قامت خلال العام الماضي عشش ما يقرب من 600 سلحفاة خضراء فقط على شواطئ جزيرة الزبرجد، في حين وجد أكثر من 1500 عش للبيض في نفس العام لسلاحف أخري.
يخرج الصغار للحياة في الغالب ليلًا بعد ما يقرب من 7 إلي 10 أشهر، ثم يقومون بالزحف على سطح الرمال نحو الشاطئ، ومن يتمكن من الوصول إلي المياة يستمر في السباحة لسنوات وعقود،وتسمى فى هذه الحالة "السلاحف السابحة بجنون"، فيقوم التيار بحملها إلى المياه المفتوحة، فحيث تعيش طافية على السطح وتتغذى علي كل ما يتواجد علي السطح من اعشاب وفضلات وقناديل البحر، والحشائش البحرية الموجودة فى قاع البحر.
أما عن أهم السلاحف البحرية المستوطنة للبحر الأحمر، فتأتي السلحفاة الخضراء Green sea turtle، أو "Chelonia mydas"، وهي نوع من السلاحف البحرية الكبيرة من عائلة Cheloniidae، ويعد النوع الوحيد في جنس Chelonia، تتواجد بالمياه الساحلية المصرية للبحرين المتوسط والأحمر، ويصل طول البعض منه في بعض الأحيان إلي 1.5 مترًا، كما يمكن أن يصل وزنها إلي حوالي ٣١٥ كيلوجراما، في حين يصل متوسط وزن البالغ منه حوالى 200 كيلوجرامًا، يتغذي علي اللافقاريات الصغيرة وبيض الأسماك والطحالب والأعشاب البحرية، كما يتغذي علي الرخويات والإسفنج، في حين لا تتغذي صغار السلاحف على الحوم حتى بلوغ 5 سنوات.
السلحفاة صقرية المنقار Hawksbill sea turtle، أو Eretmochelys imbricata، ويُعد أحد أهم الأنواع المهددة بالانقراض، وينتمي إلى عائلة Cheloniidae، كما أنه يعد النوع الوحيد الموجود في جنس Eretmochelys، يشبه في مظهره منقار الصقر، يصل طول البالغ منها حوالي المتر الواحد ، كما يصل وزنه إلى حوالي 80 كيلوجرام ، وقد سجل رقمًا قياسيًا وصل إلي حوالي وزن البعض حوالي ١٢٧ كيلو جرامًا، توجد على سواحل البحر الأحمر متضمناً خليجي السويس والعقبة حيث تكون الأكثر شيوعاً به، لذا نجدها تتغذي علي إسفنج البحر الذي يشكل أكثر من ٧٥% من غذائه، كما تتغذي على الطحالب واللاسعات والمشطيات وقناديل البحر وشقائق النعمان البحرية، بالإضافة إلي بعض الحيوانات السامة الشبيهة باللاسعات، مثل الأبابيات ورجل الحرب البرتغالي، لكنها تضطر لإغلاق عينيها لحمايتهما.
هناك أيضًا الترسة أو السلحفاة البحرية كبيرة الرأس Loggerhead sea turtle، أو "Caretta caretta"، وهي نوع من السلاحف المحيطية المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وتوجد على سواحل البحر الأحمر كما تعتبر الأكثر شيوعاً على سواحل البحر المتوسط، ينتمي إلى عائلة Cheloniidae، يبلغ متوسط طول الدرع للبالغ حوالي 90 سنتيمتر، وفي بعض الأحيان يصل إلي 270 سنتيمتر، كما يصل متوسط وزنه حوالي ١٣٥ كيلو جرام، وإن كان بعضها يمكن أن يصل إلي ٤٥٠ كيلو جرامًا، وتتغذي هي الأخري على النباتات البحرية كالطحالب والشعاب المرجانية الميتة والعوالق التي تطفو على سطح الماء، كما تتغذى بشكل رئيسي على اللافقاريات التي تعيش في قاع البحر.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية