"العلاقة بين الإنسان والحيوان علاقة أبدية أعادت تشكيل الحضارة البشرية علي الأرض، ولكنها في نفس الوقت ساهمت في نقل العشرات من الأمراض والأوبئة الخطيرة، والتي غالبًا ما تهدد حياة الإنسان نفسه".. عبارة بسيطة قد تلخص دراسة علمية أجراها فريق بحثي بمركز السيطرة على الأمراض والوقاية الأمريكي، والذي أظهر العديد من الحيوانات الأليفة والبرية التي تساهم في خلق العشرات من الأمراض.
الدراسة الأمريكية، والتي نشرها موقع "ساينس أليرت"، أكدت أن الكثير من البشر يقومون بإقتناء الحيوانات الأليفة والغريبة دون أن يعلموا حقيقة المخاطر التي قد يتعرضون لها، وأن العلم الحديث تمكن من فهم طبيعة الفيروسات والامراض التي تشكلها بعض الحيوانات على حياتهم، وأظهرت كيف أنها قادرة على نقل أمراض معدية تعرف باسم "الأمراض حيوانية المنشأ".
أما عن الحيوانات التي تساهم في نقل او خلق أمراض خطيرة تهدد البشر، فقد اكتفي موقع "ساينس أليرت"، بنشر 10 أمراض خطيرة تنقلها الحيوانات المنزلية، محذره من ضرورة الحرص أثناء التعامل معها، وهي كالتالي:
أولًا: داء خدش القطة:
يُطلق علية أيضًا اسم "حمى خدش القطة"، ورغم أنه مرض بكتيري معدي إلا أنه غير خطير، يُصيب غالبًا الأطفال حديثي الولادة والذين لم يتعد عمرهم الشهر، ويأتي نتيجة تعرضهم لخربشة أو خدش أظافر القطة لأجسادهم، ويمكن أن يؤدي هذا المرض إلي تورم العقد الليمفاوية وارتفاع في درجات حرارة الجسم، وفي بعض الأحيان يمكنه أن يسبب العديد من المضاعفات الخطيرة، والتي قد تستهدف مجرى الدم والمسالك الهضمية وحتى القلب في بعض الأحيان، وتبدأ الأعراض عادةً في غضون 3-14 يومًا بعد الإصابة.
يحدث مرض خدش القطة بسبب بكتيريا "برتونيلة هنسيلية"، والتي يعتقد أنها تنتشر عن طريق لعاب القطط، نجح العالم الفرنسي "هنري بارينود" في وصفه للمرة الأولي عام 1889، وبعد أربعة عقود، وتحديدا في العام 1931، تمكن طبيب الأطفال الفرنسي "روبرت ديبريه"، في تحديد الناقل الرئيسي للمرض وأن القطة هي المسئولة عن ذلك، كما تمكن من وصف الأعراض الإكلينيكية لها في عام ١٩٥٠.
ثانيًا: الجمرة الخبيثة:
الجمرة الخبيثة ٲو ٲنثراكس هو مرض حاد تسببه بكتيريا الجمرة الخبيثة، والتي تصيب الحيوانات آكلة الأعشاب البرية والمستأنسة، التي تتناول طعاما أو تستنشق الجراثيم أثناء الرعي، علي رأس تلك الحيوانات الأليفة، الأبقار، الأغنام، الغزلان، وتنتقل إلى البشر إما عن طريق الاتصال المباشر، كلمس الدماء بالأصابع المجروحة، أو عن طريق أكل لحوم الحيوانات المُصابة، لذلك يجب تلقيح حيوانات المناطق أو المزارع التي تعرضت للإصابة من قبل.
في عام ١٨٧٥ تمكن عالم البكتريا الألماني والحاصل علي جائزة نول البروفيسور "روبرت كوخ"، من التعرف علي البكتيريا التي تسبب مرض الجمرة الخبيثة، وفي عام ١٨٨١ نجح الكيميائي وعالم الأحياء الدقيقة الفرنسي "لويس باستور" في تجارب تلقيح أخ نعجة وعنزة وبعض الأبقار بلقاح مضاد للجمرة الخبيثة، ، وفي عام ١٩٥٤ أصبح القاح البشري للجمرة الخبيثة متاح.
ثالثًا: فيروس الأرف:
تسمية تُطلق علي أحد الأمراض الجلدية، والتي تسببها الفيروسات الجدرية، وهي فيروسات قادرة على إصابة الحيوانات الفقارية واللافقارية أيضًا، تضم أربعة أجناس من الفيروسات الجدرية قادرة على اٍصابة الاٍنسان: الفيروسات النفاطية السوية، الفيروسة الجدرانية، فيروسات اليطا، الفيروسة الرخوية، يصيب الأغنام والماعز وينتقل منها إلى الإنسان بمجرد اللمس.
ويُعد فيروس الأرف مرض طفيلي يسببه فيروس بارابوكس، ويُعرف أيضًا باسم التهاب الجلد البثري المعدي، أو التهاب الجلد الشفوي المعدي، وأيضًا باسم التهاب الجلد الشفوي المعدي، وأحيانًا مرض الشوك، أو الجرب، يُصيب البشر من خلال الاتصال المباشر مع الأغنام والماعز المصابة، أو من خلال استخدام اي مواد او أدوات تحمل فيروس أورف، ويمكن أن تظهر الاصابة في أصابع اليد والذراع والوجه وحتى القضيب، لذا من الضروري الإعتناء بالنظافة الشخصية لكل من يتعامل مع تلك الحيوانات خاصة بالمزارع والحظائر الكبيرة.
رابعًا: داء المقوسات:
عدوي طفيلية تسببها بكتيريا تنتمي إلي البدائيات، وينتقل من الحيوانات الاليفة المصابة كالقط إلى البشر، ويعتبر من الأمراض الخطيرة خاصة إذا ما أصاب الحوامل، حيث يؤثر علي الجنين فيولد طفل مُصاب بصغر الرأس، أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، وتحدث الإصابة غالبا عن طريق التلوث ببراز القطط المصابة، وقد عن طريق تلوث الخضروات والفاكهة ببراز القطط أو الكلاب، لذا يجب غسل الخضروات والفاكهة جيدا طالما هناك حيوانات أليفة في المنزل.
في عام ١٩٠٨ تمكن عالمي الطفيليات الفرنسيان "لويس هربرت مانكو"، و"شارل نيكول"، من اكتشاف التوكسوبلازما جوندي المُسببة لداء المقوسات، في القوارض في شمال إفريقيا، وتحديدا في تونس، وتم تصنيفه كأحد أنواع الجوندي "Ctenodactylus gundi"، وفي عام 1909 تمكنوا من تمييز الكائن الأولي عن طفيل الليشمانيا، ثم أطلقا عليه اسم Toxoplasma gondii، وقد اشتقوا الإسم من الكلمة اليونانية "toxon"، والتي تعني القوس، وقد سُجلت أول حالة مُصابة عام ١٩٢٣ بعد تشريح جثة طفل يبلغ عمره ١١ شهر فقط.
خامسًا: حمي الببغاء:
تُعد "حمى الببغاء" أحد الأمراض الخطيرة التي تصيب الطيور، ويمكن أن تصل للإنسان من خلال التعرض للطيور المصابة وروثها، وتنتشر في مجرى الدم، ثم تخرج مع الروث أو البول أو عند السعال، و تتراوح أعراضها من الإنفلونزا الخفيفة إلى الالتهاب الرئوي الحاد، حيث يشعر المريض بالحمى، وصداع الرأس، والسعال الجاف، وضيق التنفس، وآلام العضلات، وقد تستمر تلك الأعراض لفترة تتراوح ما بين يومين حتي ٢٨ يومًا بعد ظهورها، وأكثر الطيور عرضة للإصابة بالحمي الببغاوات وطيور الكناري، كما يمكن أن تصيب الطيور المنزلية، مثل الديك الرومي والحمام والبط.
تم اكتشافها لأول مرة في عام 1879، وذلك عندما وجد سبعة أفراد في سويسرا يعانون من الالتهاب الرئوي بعد تعرضهم لطيور الحيوانات الأليفة الاستوائية، وفي عام ١٩٠٧ م وصف الأنواع البكتيرية ذات الصلة Chlamydia trachomatis، ولكنهم إفترضوا أنها فيروسية وليست بكتيرية، في شتاء 1929- 1930، انتشر جائحة الببغائية في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، وكان معدل الوفيات 20٪، ووصل في بعض الأحيان إلى 80٪ لدي النساء الحوامل، وأودي بحياة ما بين 750 إلي 800 ضحية.
سادسًا: السعفة:
سعفة الجسم، أو القوباء الحلقية، وهي عدوى جلدية فطرية، تصيب الذراعين والساقين، خاصة الجلد غير المشعر، وقد تُصيب أي عضو أخر، وهي عبارة بقع حمراء أو بني غامق، تلك الفطريات تهاجم الجلد، وتتضمن تلك الفطريات ثلاثة أجناس مختلفة وغير مكتملة، وهي الشعروية، مايكروسبورم Microsporum، وإبيديرموفايتون Epidermophyton، وتتنوع مظاهر الإصابة من بقع دائرية حمراء تحيط بمنطقة الإصابة، مثلما يحدث في "سعفة الرأس" ومنطقة اللحية أو الفخذ، وهو ما يُسمي باسم "تعفن سكروت"، كما يعرف أيضًا باسم "حكة جوك".
تنتقل سعفة الجسم عن طريق الانتقال من شخص لآخر، وعادة ما يتم عن طريق ملامسة الجلد لشخص مصاب، وإن كانت الحيوانات الأليفة هي المتهم الرئيسي في نقل تلك الفطريات، علي الأخص القطط والكلاب والخيول والخنازير والقوارض والأبقار، بل ويمكن أن تنتشر تلك الفطريات عن طريق لمس الأشياء والأدوات غير الحية، كالأدوات المنزلية أو الأغطية والأسرة وغيرها.
سابعًا: السلمونيلا:
أحد الأمراض المعدية التي تنتمي لجنس البكتيريا العصوية، وهي أحد عائلات أمعائيات أو البكتيريا المعوية، وتنقسم إلي نوعين رئيسيين وهما، سلمونيلا معوية أو ما كانت تُعرف باسم "سلمونيلا كوليرا الخنازير"، والسلمونيلة البونغورية، بالإضافة إلس ستة أنواع فرعية، إكتشها للمرة الأولي الطبيب البيطري الأمريكي دانيال إلمر سالمون، وذلك في عام ١٩٠٠، وذلك بالتعاون مع مساعدة عالم الوبائيات الأمريكي "ثيوبالد سميث"، وتمكنا من عزل البكتريا المسببة للمرض في عام ١٨٨٥، كما قاما بتحديد ٢٥٠٠ نوع فرعي.
أما عن الحيوانات المنزلية التي تهدد الإنسان بتلك البكتريا العصوية، فتأتي الزواحف علي رأسها، مثل السحالي والثعابين والسلاحف، والكثير من الطيور المنزلية التي يتم تربيتها في المنازل، حيث تعيش بكتيريا السالمونيلا عادة داخل أمعاء البشر والحيوانات والطيور، وغالباً ما تحدث الإصابة عند تلامس الإنسان بتلك الحيوانات والطيور، أو أكلها بدون طهي جيد، أو تناول طعام ملوث بفضلات الحيوانات أو الطيور، وغالبا ما تأتي الأعراض في صورة غثيان وتقيؤ وتشنجات في منطقة البطن وحمى وقشعريرة وصداع ودم في البراز وإسهال، وفي بعض الحالات النادرة يُصاب المريض بحمى التيفوئيد والتي تعتبر مرضاً قاتلاً.
ثامنًا: داء البريميات:
داء البريميات مرض بكتيري حيواني في المقام الأول، تسببة جراثيم البريمية، والتي تعتبر جنس من البكتيريا تتبع فصيلة نظيرات البريمية Leptospiraceae، وتنتمي لرتبة البريميات، وغالبًا ما توجد في بول الحيوانات والانسجة الحيوانية المصابة وفي المياه الملوثة، تم اكتشافه لأول مرة عام ١٨٨٦ علي يد العالم الطبيب وعالم الأمراض الألماني أدولف ويل، وذلك عندما لاحظ مرض معضي يؤدي إلي تضخم الطحال واليرقان وإلتهاب الكليتين، وكان قبل ذلك يُعرف بعدة اسماء أخري، مثل "يرقان حقل الأرز" في الصين، و"حمى الخريف" و"حمى الأيام السبعة" و"حمى النانوكايامي" في اليابان، وفي أوروبا وأستراليا، أرتبط بعدد من المهن، لذا أرتبطت بها مثل "مرض قصب السكر" و"مرض قطيع الخنازير" و"شالامفيبر" أو حمى الطين، وفي عام ١٩٣٣ تم التأكد من أن داء البريميات يصيب جميع أنواع الثدييات، وذلك حينما تمكن العلماء الهولنديين من عزل بريمة كانيكولا الذي يُصيب الكلاب.
أما عن الأعراض الشائعة لداء البريميات فلم تخرج عن ارتفاع درجة الحرارة والصداع الشديد ووجع العضلات والقشعريرة والتقيؤ وإحمرار العينين، وتشبه في أعراضها إلي حد كبير أعراض أمراض الأنفلونزا، لذا يصعب تشخيصه في بادئ الامر، خاصة أن تلك الأعراض في بعض الحالات قد لا تأتي مجتمعة، وقد لوحظ أن بعض المرضي يعانون من اليرقان أو صفرة الجلد ما يعني إصابة الكبد بشكل كبير، وقد يصل في بعض الأحيان نزيف في الجلد والأغشية المخاطية كما يمكن ان يحدث التهاب السحايا أز "التهاب اغشية الدماغ"، والنزف في الرئتين.
المصادر:
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية