قبل قرنين ونصف، وتحديدًا في العام 1758، كان عالم النباتات والحيوانات السويدي كارلوس لينيوس يُعد طبعته العاشرة من كتابة الأشهر "نظام الطبيعة"، وحينما تناول طبيعة ذلك الحيوان قال أنه يشبه "الأشباح"، أو ما يُعرف باللاتينية "ليمورس"، والذي يشير إلى الأشباح التي كانت تطرد خلال مهرجان ليموريا في روما القديمة، فقد كان يعتقد ان هذا الإسم يتفق مع النشاط الليلي لليموريات.
وفقًا لكارلوس يُعد الليمور أحد الحيوانات التي ترتبط إرتباطًا وثيقًا بالإسم الذي اختاره لها، فهي ذات مظهر شبحي بعض الشيء، كما أن صرخاتها الشبيهة بفحيح الاشجار الصاخب، وعيونها العاكسة، تتفق مع الأساطير التي يتداولها سكان جزيرة مدغشقر، مستوطنها الرئيسي، فالبعض يعتقد أنهم تواصلوا معكارلوس لينيوس وأبلغوه أن الليمور هو أرواح أسلافهم، وهو ما يخالف المنطق، خاصة وأن الليمور بطئ الخطو، أو اللُورِيس الأحمر النحيل، يعرف الآن اللوريس بطئ الخطو، والذي يستوطن جنوب الهند وغابات سريلانكا.
الليمور حيوانات ثديية، تتبع الرئيسيات، طويل الذيل وله فرو كثيف، تمتلك أنفًا مدببًا وعينين كبيرتين وذيل طويل، تختلف في أحجامها وألوانها، بعض أنواعه تشبه القردة، والبعض الأخر يشبه السناجب، أو الفئران، تستوطن الاشجار المرتفعة بجزيرة مدغشقر وما يجاورها من جزر صغيرة، علي الأخص جزر القمر، يتغذى بشكل رئيسي على الفواكة والأوراق المختلفة، ونتيجة لقطع الأشجار بشكل غير قانوني، بالإضافة للصيد الجائر، يصنفه الإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة حيوانات الليمور على أنها إحدى أكثر الثدييات المهددة بالإنقراض.
تختلف أحجام الليمور ما بين الصغير جدًا، كالنوع الفأر، والذي يزن أقل من 60 جرام، وطول يصل إلي 13 سنتيمتر، ولا يمتلك ذنب، أما الليمور حلقي الذيل، والليمور مطوق العنق، فيشبهان القردة، إلا أن لهما أنفًا طويلاً مدببًا، وينمو حلقي الذيل حتى يصل طوله إلي 38 سنتيمترات، ولهذا الحيوان ظهر رمادي وأجزاء سفلية بيضاء، وحلقات وبرية بيضاء وسوداء على الذيل، أما الليمور المطوق العنق فيبلغ طوله حوالي 60 سنتيمترات، وله فرو كثيف الوبر بصفة خاصة، ومعظم الليمور مطوق العنق لها فراء سوداء وبيضاء، وطوق عنق كثيف الوبر، وبعضها له فرو بني يميل للأحمر بدلاً من الأبيض، وهناك نوع آخر هو ليمور الآي ـ آي الذي لا يُشبه أيًا من الأنواع الأخرى.
إندري وسيفاكا، نوعان من الليموريات الشبيهة بالقردة، يمتلكان سيقان خلفية قوية جدًا، تمكنهم من القفز بين الأشجار المرتفعة، بينما معظم الحيوانات التي تعيش على الأشجار تقفز من فرع إلى آخر، ويُعد الليمور من النوع الإندري هو أكبر أنواع اللَّيمورات حجمًا، حيث يبلغ طوله حوالي 70 سنتيمترات، وله ظهر أسود، وفرو أبيض في الأجزاء السفلية من جسمه، أما الليمور من النوع السيفاكا فيبلغ طوله حوالي 50 سنتيمترات.
الليمور كائن إجتماعي، يعيش في مجموعات يتراوح أعدادها من اثنين إلي خمسة أفراد، وفي الكثير من الأحيان تشكل مجموعات أكبر من حين لآخر، ويعتقد السكان الأصليين لجزيرة مدغشقر أن الليمور يفضل التنقل في جماعات، وذلك لحماية نفسها من الحيوانات المتوحشة، فعند وجود خطر محدق في الجوار ينبه حيوان الليمور أعضاء مجموعته من خلال إطلاق تحذيرات صوتية، كما أن بعض الأنواع مثل الليمور ذو الذيل الدائري تستخدم ذيولها المميزة لتوصيل إشارات تحذيرية إلى أفراد جماعتها.
في موسم التزاوج ينافس ذكور الليمور بعضهم البعض للفوز بأنثي، فيدخلون مع صراعات تسمي "معارك نتنة" لإصطياد الإناث، حيث تمتلك ذكور الليمور غدد رائحة على معصميها، وخلال معركة الرائحة الكريهة تقوم الذكور باخراج إفرازات من غدد الرائحة على طول ذيولها، ويفوز الليمور صاحب الرائحة الاقوى بالأنثى، كما يستخدم الليمور أيضًا غدد الرائحة تلك في تحديد مناطقه وللتواصل مع أفراد جنسه، وتساعده الإناث في ذلك رغم أن هذا التزاوج لا يدوم في العادة أكثر من ثلاث أسابيع من كل عام.
تتراوح فترة الحمل لأنثى الليمور بين 102 إلى 170 يومًا، وتتباين هذه الفترة باختلاف النوع، ويمكن لإناث الليمور أن تنجب مولودًا واحدًا إلى ستة مواليد في المرة الواحدة، ويُطلق على الصغار إسم الجراء، وتتشبث الجراء في العديد من الأنواع ببطن الأم خلال الأسابيع الثلاثة أو الأربعة الأولى من حياتها، ثم تركب على ظهرها حتى تبلغ ثلاثة أو أربعة أشهر من عمرها، كما تفطم صغار الليمور بعد حوالي ثلاثة إلى ستة أشهر من الولادة، ويتميز حيوان الليمور بفترة حياة طويلة بالنسبة لباقي الحيوانات حيث يمكن أن تعيش بعض أنواع حيوان الليمور حتى 30 عامًا فقط.
تختلف طبيعة غذاء الليمور طبقا لأحجامهم، فالأنواع الصغيرة منه تتغذى على الفاكهة والحشرات، في حين تميل الأنواع كبيرة الحجم لاستهلاك الأعشاب بشكل أكبر، وإن كانت معظم الليمورات تعتمد في غذائها بشكل أساسي على المواد النباتية، كما هو الحال مع جميع الرئيسات، وقد يأكل حيوان الليمور الجائع أي شيء صالح للأكل سواء كان من ضمن الأطعمة المفضلة لديه أم لا، ويستغل ما يزيد عن 109 من عائلات النباتات المعروفة في مدغشقر في غذائه، ونظرًا لأن معظم الأنواع تعيش على الأشجار فإن معظم أنواع النباتات المستغلة تكون نباتات خشبية، وإذا ما توفرت الفاكهة فأنها تقبل عليها بشراهة، خاصة فاكهة التين التي تعشق مذاقها.
هناك ما يقرب من 100 نوع من الليمورات، ومعظم هذه الأنواع تم اكتشافها أو ترقيتها إلى حالة الأنواع الكاملة منذ التسعينات، ورغم ذلك لايزال تصنيف أنواعها من الأمور الشائكة نوعًا، فبعض العلماء يفضلون وضع معظم الليمور داخل تصنيف ولكن دون رتبة ليموريات الشكل، بينما يفضل البعض الآخر أن تحوي ليموريات الشكل كل الهباريات الحية، والتي تضم قائمة تشمل الغلاغو والبوتو في أفريقيا، واللوريس في الهند وسريلانكا وجنوب شرق اسيا، وتنتمي إلي الرتيبة المنقرضة أدبيات الشكل.
مؤخرًا أصدر الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة تقريرًا أكد فيه أن الليمور أكثر الثدييات المهددة بالانقراض في العالم، وإن ما يقرب من 90% من جميع أنواع الليموريات مهددة بالإنقراض بالفعل في غضون 20 إلي 25 سنة، لذا وفرت العديد من مرافق البحوث مثل العالمية، علي رأسها مركز جامعة ديوك لأبحاث الليمور، في دورهام بولاية كارولينا الشمالية، خاصة وأنه يحافظ على أكبر عدد من تجمعات الليمور في الأسر خارج مدغشقر، ومستعمرة أخري كبيرة بمدينة ميكا، ولاية فلوريدا الأمريكية محمية ليمور تديره مؤسسة حماية الليمور، أما في جزيرة مدغشقر نفسها، فهناك حاليًا 18 متنزة وطنية، و5 محميات طبيعة، و22 محمية خاصة، بالإضافة إلي العديد من المحميات الخاصة الصغيرة الأخرى، مثل محيمة بيرينتي، ومحمية سانت لوسي، وكلاهما بالقرب فورت دوفين.
الصور تخص المصور الفرنسي "Mathias Appel"، والمهتم بالحياة البرية، وقام بتصوير كافة انواع الليمور.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية