علي بُعد ما يقرب من 200 كيلو متر جنوب شرق مدينة مراكش المغربية تقع مدينة "ورزازات"، تلك المدينة التي تمكنت من وضع كلتا قدميها علي خريطة السينما العالمية، رغم أن تاريخها لا يتعدي المائة عام، وطبقًا لخبراء اللغة كلمة "ورزازات" هي كلمة أمازيغية من شقين، "ور" وتعني "بدون"، و"زازات" وتعني "ضجيج"، أي مدينة "بدون ضجيج"، أو "المدينة الهادئة"، وصفت بأنها أكبر استديو طبيعي في العالم
أهم ما يميز مدينة "ورزازات" المغربية هي تلك الشهرة التي اكتسبتها في صناعة أهم الأعمال السينمائية العالمية، فرغم أنها مدينة صغيرة، لا يستوطنها سوي 8 عائلات كبيرة فقط، تلك العائلات تعيش أو تقتات علي الأفلام السينمائية التي تأتي سنويا، كانت قبل عام 1920 مجرد ثكنة عسكرية أقامتها سلطات الحماية الفرنسية، تضم عدد من القري والواحات الصغيرة هنا وهناك، تنتشر بها ألاف القصبات التي شُيدت كحصون لحمايتهم من المستعمريين.
أما عن استديوهات ورزازات، فمن حيث المساحة تُعد أحد أضخم مجمعات الاستديوهات في العالم، وذلك من حيث مساحة الأرض، وعدد الاستديوهات، أحد أهم هذه المجمعات استديوهات "أطلس" والتي بدأت في الظهور عام 1983، وذلك علي مساحة 21 ألف متر مربع، أي ما يعادل خمسة أفدنة، ولكنه سرعان مت تم توسيع المجمع حتي وصل إلي 126 ألف متر مربع، أي ما يعادل 30 فدانًا، يضم معامل للمهن السينمائية بمختلف تخصصاتها، ومواقع للمتفجرات، وإسطبلات لمئات الخيول والجمال، ومكاتب لإدارة الإنتاج، وثلاثة استديوهات مختلفة الأحجام للتصوير.
استديوهات "كان زمان"، والتى تقع على بعد 10 كيلومترات من قلب مدينة ورزازات، هي الأضخم، حيث تبلغ مساحتها حوالي 252 ألف متر مربع، أي ما يعادل 60 فدانًا، وتضم عدد من مكاتب إدارة الإنتاج، ومعامل وقاعات للمونتاج، ومخازن وقاعات لاستراحة الفنانين، إضافة لمعارض ومتاجر ومقاهى ومطاعم وملاعب ووحدة فندقية على النمط التقليدى، ومركز للتكوين السينمائى، ويشمل أربعة استوديوهات مختلفة الأحجام، بالإضافة إلي مجمع استوديوهات "أستر"، والذي تم إنشاؤه عام 1992 قبالة قصبة سيدى داوود التاريخية، وقد تم تصوير سلسلة "لو بيبل" التليفزيونية التى أنتجتها شركتا "أستر" الإيطالية، و"تى اين تى" الأمريكية.
قامت بعمل توأمة مع مدينة لوس أنجلوس والتي تضم مقاطعة هوليوود مركز صناعة السينما العالمية، لذا شهدت مدينة ورزازات صناعة أكثر من 25 فيلم عالمي، بدأت بفيلم الفارس المغربي عام 1897، ثم فيلم موروكو 1930، وعطيل 1949، ثم توالت الأعمال السينمائية الأكثر شهرة، علي رأسها، الرجل الذي يعرف أكثر لجيمس ستيوارت عام 1955، ولورانس العرب لعمر الشريف 1962، وباتون لجورج سي سكوت 1970، والرجل الذي سيصبح ملك لشون كونري 1975، وجوهرة النيل لمايكل دوجلاس 1985، وفيلم "وندون" للمخرج الأمريكى مارتن سكورسيزى، وهو ما اقتضى بناء قصر حاكم التيبت، الذى لا يزال قائما حتي اليوم.
شهدت مدينة ورزازات المغربية صناعة أفلام عالمية أخري كفيلم الممياء الشهير، والذي لعب بطولته الممثل الكندي الأشهر برندان فريزر عام 1999، والفيلم الأشهر المصارع، والذي قام ببطولته الممثل النيوزيلاندي راسل كرو عام 2000، ثم الجزء الثاني وفيلم عودة الممياء عام 2001، ولعبة تجسس لروبرت ريدفورد وبراد بيت سنة 2001، ومباشر من بغداد لمايكل كيتون 2002، وهيدالغو لعمر الشريف 2004، والإسكندر لكولن فاريل وأنجلينا جولي 2004، ومملكة الجنة لأورلاندو بلوم وإيفا جرين وخالد النبوي 2005، وغيرها من الأعمال السينمائية.
أما عن معالم ورزازات فتضم المدينة التي تمتاز بطبيعتها المُتنقاضة، ففي الوقت الذي تحتوي فيه بعض جبالها على الثلوج، فهي تضمّ الكثبان الرملية، والمنابع، والمناطق الجافة، والأراضي، والواحات الخضراء، فهناك واحة فينت السياحية ذات البيوت المغربية التقليدية، وتقع على بعد يُقارب عشرة كيلومترات جنوب المدينة، وقصبة تاوريت التي بُنيت بواسطة الطين والتبن، وهي تتضمن العديد من التصاميم الهندسية المختلفة، وقصر أيت بن جدو، والذي يضم تجمعًا من البنايات التي تنتمي إلى الطرز التقليدي، حيث بُني من الطين، ويمتاز بسوره، وأبراجه، وقوة بنائه، ويُعتبر أيقونة دالة على أنماط المساكن التقليدية في منطقة المغرب.
الصور تخص المصورة الاسبانية كاميلا الدانا
والمصور النرويجي بيورن كريستيان تورنسن
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية