يعد لبيب حبشي أحد رواد علم الآثار المصرية، بل أنه أول روادها علي الإطلاق، فيلقبة البعض بأبو الإيجيبتولوجي المصري، ولد بقرية صغيرة بمدينه المنصورة، تُسمي "سلامون" عام 1906، وهي إحدي مئات القري الفقيرة المنتشرة بمحافظة الدقهلية، تولى شقيقه، الذي كان يعمل مدرساً للرياضيات، أمر رعايته تعليماً، حتي حصل علي ليسانس الآثار من قسم المصريات بجامعة القاهرة عام 1928.
التحق أبو المصريات عام 1930 للعمل في مصلحة الأثار المصرية عام 1930، تدرج في السلك الوظيفي حتي أصبح أكبر مفتشيها، ووكيلاً لهيئتها، وبعد ثلاثين عاماً اضطر لتركها عندما شعر بالظلم، ثم التحق في سنة 1960 بوظيفة مرموقة في إطار البعثة الأثرية في النوبة التابعة لمعهد الآثار الشرقية بجامعة شيكاغو كمستشار للبعثة.
في يناير 1929 قدم لبيب حبشي واحداً من أهم المراجع التاريخية القديمة، حمل عنوان "في صحراء العرب والأديرة الشرقية"، وجاء هذا العمل بالتعاون مع زميله وصديقه زكي تاوضروس، واللذان قاما برحلة طويلة بدأت في 12 نوفمبر 1927، زارا خلالها أديرة الصحراء الغربية، أديرة وادي النطرون، كان "حبشي" خلال تلك الزيارة لا يزال طالباً بجامعة القاهرة، في حين كان "تاوضروس" طالباً في كلية الحقوق.
أثري لبيب حبشي الدراسات المصرية والقبطية، بما يزيد عن 180 مقالاً وكتاباً، فقدم لنا مؤلفات عن آثار مدينة تل بسطة بالزقازيق، وحصل عنها علي جائزة الدولة التقديرية، ثم أصدر باللغة الإنجليزية كتابابين في غاية الأهمية، أولهما بعنوان "المسلات المصرية"، والذي صدرت ترجمة له عن المجلس الأعلى للاثار بعنوان، "مسلات مصر ناطحات السحاب في الزمن الماضي" ضمن سلسلة الثقافة الأثرية والتاريخية، كما تُرجم فيما بعد الي الفرنسية واليابانية والايطالية، والكتاب الثاني خصصه للكتابة عن آثار النوبة بعنوان، "16 دراسة عن النوبة"، كما ألقي العديد من الأبحاث في أهم المؤتمرات الدولية، برلين 1953، باريس 1964، براج 1965، تورنتو 1982.
قضي لبيب حبشي طيلة عمله بهيئة الآثار المصرية أغلب وقته في أعمال الحفر في العديد من المواقع الأثرية في مصر والسودان، وقد اهتم خصيصا بمنطقة الأقصر سنتي 1943 و1956، تكللت جهودة بالنجاح سنة 1946، بالكشف عن معبد السياسي المحنك، والمحارب القديم، والقائد القوي "حكائيب"، ومعناه القلب الطاهر أو القلب الشجاع، ذلك الرجل الذي حمي حدود مصر الجنوبية، وأرسي قواعد السلام مع الجنوب الافريقي، والذى أقيم له معبد على طرف جزيرة الفنتين في قلب النيل بأسوان، وتقع أطلاله خلف متحفها، وقد بدأ عملة في تلك المقبرة عام 1932، ونشر له المعهد الألمانى للاثار المصرية كتابا عن حكائيب ومقصورته وخمسين تمثالا جرانيتيا من بينها عشرة بالحجم الطبيعى ويعد هذا الكتاب مرجعاً عالمياً عن البطل المصري حكائيب.
كما اكتشف عالم المصريات المصري لوحة شهيد الحرية وبطل التحرير الملك "كامس"، ذلك البطل المصري الذي حارب الهكسوس، وطردهم بعد أن احتلوا مصر 150 عاماً، ليفسح الطريق إلي أخية الملك أحمس الأول، صقر الحرية، والذي ظل يطاردهم حتي أعالي فلسطين، وبذلك أعاد لمصر كرامتها وصولتها لتضئ بالإستقلال من جديد.
في عام 1966 حصل الدكتور لبيب حبشي علي درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة نيويورك، وبإجماع أكبر علماء المصريات واساتذة التاريخ ومديري وأمناء المتاحف الدولية، وفي مقدمتها متحفا بروكلين ومتروبوليتان، وفي 1981 أصدر المعهد الألمانى للأثار المصرية مجلدا ضخماً يضم 70 مقالة كتبها علماء المصريات من 12 دولة على شرفه، كهدية إعزاز و تقدير لجهوده في خدمة العلم والحضارة، كما قامت عالمة المصريات الأمريكية الشهيرة "جيل كاميل" في سنة 2007، بتقديم كتاب يتضمن السيرة الذاتية له، جاءت تحت عنوان "لبيب حبشى.. حياة وميراث عالم مصريات".
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية