"لقد خرج العرب بعد أكتوبر وللمرة الأولى وهم صناع التاريخ، وأصبح العالم العربى عاملاً مهماً فى تحقيق التوازن السياسى فى المنطقة، وبذلك تم تصحيح ميزان القوى الذى كان قد اختل بوضوح قبل أكتوبر".. تلك العبارة كانت نتيجة دراسة قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية عقب حرب السادس من أكتوبر من العام ١٩٧٣، ما يؤكد أن تلك الحرب لم تكن مجرد معركة لإسترداد سيناء، بقدر ما أنها كانت حربًا حطمت أسطورة جيش كان يعتقد أنه لا يقهر أبدًا، لذا كان لازامًا علي صانعيها تخليد ذكراها لأجيال وأجيال.

في حي في مصر الجديدة بشرق القاهرة، وعلي مساحة تقدر بنحو 32 ألف متر مربع، أُقيم ذلك النصب التذكاري لحرب أكتوبر، والذي أُطلق علية إسم "بانوراما أكتوبر"، ذلك المبني الاسطواني الشكل عبارة عن متحف ونصب تذكاري، وقد تم افتتاحه في الخامس من أكتوبر من العام 1989، وقد روعي في تصميمه أن يكون أشبه بالحصون، ولكن علي الطراز الإسلامي، وقد ساهم في تصميم المبني أفضل المهندسين المعماريين من كوريا الشمالية، وحاليًا يتم إدارته من هيئة المتاحف العسكرية المصرية.

كان الهدف من بناء المتحف توثيق تلك الحرب الخالدة، لتقف شاهدًا علي بطولات الجندي المصري في الدفاع عن أرضه ، وذلك من خلال عرض تفاعلي داخل القاعة البانورامية، وهي عبارة عن قاعة بانورامية تضم مسرح دائري متحرك يطل علي لوحة زيتية عملاقة ومجسم لمسرح المعركة، تحكي ملحمة العبور ومزودة بأحدث التقنيات التكنولوجية، من أنظمة مؤثرات صوت وضوء تفاعلية.

تضم البانوراما عدة قاعات العرض المتحفي والتي تحكي تاريخ حرب أكتوبر، أهم تلك القاعات قاعة الصمود والتحدي، وهي قاعة تقوم بعرض فيلم الصمود والتحدي الذي يتناول مراحل إعادة بناء القوات المسلحة وحرب الاستنزاف، وذلك استعداداً لمعركة النصر عن طربق سنيما ثلاثبة الابعاد مزودة بالمؤثرات التكنولوجية المختلفة، بالإضافة إلي قاعة العبور، وهي شاشة سينمائية يتم من خلالها عرض لعملية العبور وتجسيد مراحل حرب أكتوبر المجيدة ومفاوضات السلام من خلال فيلم جرافيك على شاشة عملاقة لجذب الزائرين، وأيضًا قاعة جيش وشعب، وهي إحدي قاعات العرض الرقمي المجهزة بشاشة دائرية مزودة بمؤثرات ليزر وأنظمة صوت متطورة، تحكي أهم الأحداث المعاصرة لثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيه، وإبراز مظاهر تلاحم الجيش والشعب في الدفاع عن الوطن وصولاً إلي عرض لأهم مشروعات التحديث والتنمية.

خارج الجسم الاسطواني لمبني بانوراما أكتوبر، توجد ساحة للعرض المكشوف تقوم بعرض عدد من الأسلحة للمركبات الحربية والأسلحة، بما في ذلك الدبابات والطائرات المقاتلة ومدافع جاتلينج، وقد تم طلاء معظمها حديثًا بظل واحد مسطح باللون الأخضر العسكري، بالإضافة إلي بعض أسلحة العدو المستولى عليها خلال حرب أكتوبر، كما يشمل العرض المكشوف نافورة وأنظمة عرض الصوت والضوء لتقديم عدد من العروض الليلية علي المجسم الدائري بتقنية "Projection Mapping" تحكي بطولات الجندي المصري في المعركة.

أما عن العروض فتبدأ داخل القاعة البانورامية، والتي تقدم ثلاثة عروض منفصلة، مدة كل منها حوالي 20 دقيقة، يبدأ العرض الأول بفيلم وثائقي قصير بعنوان "الطريق إلى النصر"، تم انتاجه في تسعينيات القرن الماضي، ويتم تقديمه بإحدى عشرة لغة مختلة، في حين يقدم العرض الثاني صورة تكاد تكون واقعية للمعركة، وذلك من خلال تكنولوجيا عرض حديثة، تقوم بعض الساحل الغربي لقناة السويس، ثم تظهر بعض القطع الحربية، بما في ذلك عدد قليل من السفن القتالية والطائرات المقاتلة، أما العرض الثالث فيقدم عرضًا دائريًا بانوراميًا لجميع مراحل حرب أكتوبر، فقد تم تصميم لوحة جدارية دائرية ضخمة واقعية لخط سير المعركة، بدء من العبور حتي معركة القنطرة ومعارك الدبابات والمدفعية.

أحد أهم القاعات بالبرانوراما تلك القاعة الرقمية الترفيهية، والمخصصة لعروض المحاكاة ثلاثية الأبعاد، والتي تتسع لما يقرب من ٢٤ مقعدًا متحركًا، ومجهزة بأحدث مؤثرات الصوت والضوء، ويتم من خلالها عرض أفلام تحاكي تجربة قيادة بعض المعدات العسكرية في ساحة المعركة، كالدبابة أو المدرعة أو الطائرة الحربية أثناء المعركة، إلي جانب عرض لبعض الأفلام الترفيهية للأطفال.