"الآن قد بان تمثال أبو الهول العظيم، القائم في هذا المكان، شائع الصيت، المقدس المحترم، الذي يلقي رع عليه ظلاله، أتي العباد من ممفيس العاصمة وكافة المدن حولها، وقد أتت لترفع يدها تبجيلا له، وتُقدم القرابين لروحه، وفي ظهيرة أحد الأيام استراح تحت ظل هذا الإله العظيم، نام وحلم وكانت الشمس في وسط السماء، ورأي النائم هذا الإله النبيل يتحدث إليه بفمه مثلما يتحدث الأب لابنه وقال: "أنظر إلى، وتمعنني يا بني "تحتمس"، إنني أباك، وسوف أعطيك عرش البلاد والعباد ولكن تذكر، فحالي هذا كحال من أصابه المرض، وقد "تآكلت كل أطرافي"، وأصبحت الرمال التي أنا واقف عليها الآن تهددني، من أجلي لابد أن تقوم بعمل ما يتمناه قلبي فأنا في انتظار طويل.
في صباه، جلس الملك تحتمس الرابع أسفل ذقن أبو الهول يستريح بعد عناء رحلة صيد في يوم حار، فغلبه النعاس ونام، وأثناء نومه زاره أبو الهول وقد اختنق بما حاوطه من كثبان رملية، حتي لم يعد يظهر منه الرأس التي تقدم لها القرابين، وقال له الآن أنا أُنبئك بمكانة عظيمة وعرش ومُلك البلاد، ولكن عندها فقط تذكر أن تنظر لي وتهتم بإزالة الرمال التي تغطيني.
لم يكن ذلك النص فقط هو المكتوب علي اللوحة، ولكن أيضا نُقش عليها نحت يُظهر تحتمس الرابع يبتهل ويرفع يده "لأنو الهول" ويقدم القرابين، نُقش هذا النحت بشكل مزدوج علي جانبي اللوحة، واللوحة قائمة بين ذراعي "أبو الهول" بشكل مستطيل ذا قمة مقوسة لأعلي بارتفاع 144 سم وعرض 40 سم، واللوحة مصنوعة من الجرانيت الناري الصلب، نُسخ منها نسخة أقرب الي الحقيقية مصنوعة من الجبس وموجودة الآن في متحف لندن وتم نسخها كي يتم ترجمتها.
يعتقد الباحثين أن الملك تحتمس الرابع قد لجأ إلي تلك القصة الخادعة ليوحي للجميع أنه تم تنصيبه من قبل الإله، خاصة وأنه لم يكن الوحيد الذي حلم باعتلاء عرش مصر، فقد كان له أربعة إخوة، وبعد أن تحقق له ما أراد، أوفي بعهده لـ"أبو الهول" وقام بإزالة الرمال، وقام بترميمه، ويُعد ذلك أول ترميم في التاريخ، بل وأفضل ترميم مر علي "أبو الهول" عبر العصور، وقام ببناء سور بالطوب اللبن حوله، ونقش عليه تضرع للإله كي يسامحه علي ما فعل.
وقد أبدى في تلك الرسومات الندم الشديد علي شيء ما، فقد قتل تحتمس الرابع أخيه الأكبر أمنمأبت والأحق بالعرش، فقد ظهر كشط اسم "أمنمأبت" من جدران معبد "أبو الهول" وقام تحتمس الرابع بنحت اللوحة الجيرانيتية ليثبت انه تولي الحكم بأمر الهي، وهذا أيضا ما يبرر حزن أُمه وغضبها عليه لقتل إخوته، وقد ساعده الكهنة في تلك الجريمة.
مات تحتمس في الثلاثينات من عمره، وقد تولي حكم مصر ما يقرب من 10 سنوات، قام فيها بالعديد من الإنجازات التي لا يمكن إنكارها، وقام بعقد تحالفات، ما أدي إلي استقرار اجتماعي ورخاء في البلاد، وقد رجح العلماء أنه مات بسبب مرض ما لنحافته الشديدة عند اكتشاف مومياؤه.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية