"أين توجد مقبرة الملكة نفرتيتي؟".. سؤال كثيرًا ما يتردد داخل أروقة المراكز البحثية المهتمة بعلم المصريات، كما تسعي وزارة الأثار المصرية الإجابة عنه، خاصة وأن تحديد مكان مقبرة الملكة وزوجها إخناتون من الصعوبه لمخالفتهم للنمط الديني المصري القديم، ما يعني أن طريقة الدفن قد لا تأتي بنفس الطريقة المتبعة.
منذ أشهر قليلة زعم كشف الأثرى كريس نانتون بمركز البحوث الأمريكى عن وجود "جدار كاذب" داخل المقبرة KV62، والتي تخص الملك الصغير "توت عنخ امون"، وإن هذا الجدار يُحتمل ان تخطبئ خلفه مقبرة أخري تخص الملكة نفرتيتي، وقد ذكر في كتابه "البحث عن المقابر المفقودة في مصر"، عدد من الأدلة التي تؤكد احتمالية وجود مقبرة نفرتيتي بالقرب من مقبرة توت عنخ أمون، خاصة وأن البعض يعتقد أن والده هو الملك أخناتون، والذي عُثر علي موميائه في المقبرة KV55 في وادي الملوك، وأن والدته الملكة نفرتيتي، الزوجة الملكية لإخناتون، وقد حكم الزوجان فيما يمكن القول أنه أغنى فترة في تاريخ مصر القديمة.
"نفرتيتي تقع تحت حفنة من أفراد العائلة المالكة الذين جاءوا مباشرة قبل توت عنخ آمون".. هكذا تحدث كريس نانتون عن قبر نفرتيتي، وذلك في كتابه الصادر في يوليو من العام 2019، والصادر عن دار النشر البريطانية "thames & Hudson"، وأن تلك الحفنة قد تخص أخناتون وزوجته الملكية نفرتيتي، بالإضافة إلي "سمنخ كا رع"، وإن كان البعض يعتقد أن نفرتيتي هي سمنخ كا رع نفسه، أكثر من كونهم شخصان، وإن كان هناك رأي أخر يؤكد أن الملكة نفرتيتي كانت تختبئ تحت إسم أخر.
أما عن الأدلة التي استند إليها الأثري كريس نانتون حول تأكيداته باحتمالية وجود جدار كاذب داخل مقبرة توت عنخ أمون يؤدي إلي مقبرة نفرتيتي، فقد أشار إلي حجم مقبرة KV62 الصغيرة جدًا كون أنها مقبرة ملكية، وأنه يعتقد أن ذلك يعود في المقام الأول إلي وفاة الملك الصغير بشكل مفاجئ وهو صغير السن، ما أجبر المهنة المصريين لغلق أحد سراديب قبر ملكي لشخصية مُعاصرة، وأنه يُعتقد أن يكون خاص بالملكة نفرتيتي لدفن إبنها "توت"، مبينًا أن الأثري البريطاني نيكولاس ريفز كان قد أثبت في 2015 أن أحد جدران مقبرة توت عنخ أمون غير صلبة وتخفي جدارًا كاذبًا لغرف أخري، وإن كان قد عاد ونفي ذلك في 2018.
كان عالم المصريات الفرنسي فيكتور لوريت قد اكتشف في عام 1898 مومياء داخل المقبرة KV35 في وادي الملوك، وباختبار الحمض النووي تم التأكجد من إنها أم الفرعون توت عنخ آمون، وابنة الفرعون أمنحتب الثالث والملكة تي، وهو ما يعني أن الملكة نفرتيتي لم تكن ام الملك توت عنخ أمون، وهو ما أعتبره الأثري كريس نانتون، شكل من أشكال التموية لتضليل اللصوص عن المقبرة الحقيقية، خاصة وأن هوية مومياء المقبرة KV35 مازالت محل نزاع حتي اليوم.
نانتون قال في كتابه "البحث عن المقابر المفقودة في مصر"، إن بعض البرديات المصرية القديمة تحدث عن زوجة لإخناتون تدعى سمنخر، وأن بعض العلماء يعتقد أنها الملكة نفرتيتي ، وهو ما يعني أن الملكة الغامضة قد تكون معروفة باسم آخر، وإنه يستغل تلك النقطة كمفتاح لحل لغز مقبرة نفرتيتي السرية، موضحًا أن مقبرة توت عنخ آمون صغيرة ولا تتناسب مع قبر ملكي، وهو ما يرسخ الاعتقاد بأن المقبرة أكبر بكثير، وبالتالي فإن اسم الملكة وحجم مقبرة الملك توت، تعد دلائل جديدة على أن هناك سرا في مقبرة توت.
كان الآثري المصري الدكتور زاهي حواس أستاذ علم المصريات ووزير الآثار الأسبق قد أكد أن ملكات الأسرة الـ18 مدفونات في وادي "الخوي"، وهو يقع جنوب الشلال الثالث، والوادي عبارة عن حوض قديم للنيل طوله حوالى 123 كيلومتر إلى الشرق من مجرى النيل الحالى، مبينًا اكتشاف بئر صغير يصل إلي ٢٢ مترًا، ويُحتمل أن يكون مدخلًا لمقبرة، وذلك في أحد الأودية الصغيرة، والتي تقع خلف معبد حتشبسوت بالدير البحري، ما يعني إنه في حالة اكتشاف مقبرة واحدة، سيتمكن الفريق المصري من اكتشاف كافة المقابر الأخري.
يأتي ذلك في الوقت الذي نمكن فريق من علماء الأثار المصريين بقيادة وزير الأثار السابق، الدكتور ممدوح الدماطى، من العثور على عدد من الغرف المخفية، فى منطقة وادى الملوك بالأقصر، وذلك بالقرب من مقبرة الملك توت عنخ آمون، بالإضافة إلي وجود ممر لم يكتشف من قبل بالقرب منه، وهو ما يعني احتمالية أن تكون الملكة نفرتيتى ترقد إلى جوار الملك توت عنخ آمون فى وادى الملوك.
كان فريق العلماء المصري قد استخدم جهاز رادار قادر علي اختراق باطن الأرض، وهو جهاز "GPR" الذي يقوم بقياس التغيرات فى طبقات الأرض، وذلك عن طريق قياس تسجيل انعكاس الموجات الكهرومغناطيسية، وقد وجد الفريق ما يشبه الممر على بعد أمتر قليلة من غرفة توت عنخ أمون، كما وجد أيضًا ممرات أخري على بعد أقدام قليلة من غرفة الدفن للمقبرة، والتى يبدو أنها قد تؤدى إلى غرفة أكبر بعرض حوالي ١٠ أمتار، بأسقف مرتفعة بما يقرب من 2 متر، كما تم العثور على غرفة كبيرة على نفس عمق غرفة توت عنخ آمون، ما رسخ أيضًا الإعتقاد باحتمالية أن يكون قبر نفرتيتى المفقود.
أما فريق البعثة المصرية فيعتقد رئيسها الدكتور ممدوح الدماطى أن هذه الغرفة التى عثروا عليها خارج قبر الملك توت ربما كانت آخر مكان استراحت فيه الملكة نفرتيتى، حيث يزعم الخبراء أنه لكون نفرتيتى امتلكت تأثيرا كبيرا، وأهمية ثقافية فى التاريخ المصرى القديم، فإنه ينبغى أن يكون لديها قبر فى وادى الملوك الشهير.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية