"الفوانيس وزينة رمضان، مدفع الإفطار، موائد الرحمن، المسحراتي، كنافة وقطايف، وصوت النقشبندي يُطربنا ساعة الإفطار".. كانت تلك هي طقوس الشعب المصري في شهر رمضان، كانت لانها اليوم تختلف عن ذي قبل، ففي زمن الوباء وانتشار الفيروسات تختلف عادات وتقاليد الشعوب، حتي في المناسبات الدينية والأعياد، والتي تعتمد في المقام الأول علي مظاهر التجمعات البشرية.
"شهر رمضان في مصر يختلف عن أي دولة أخري".. تلك كانت الإجابة التي كنا نسمعها من أي زائر لمصر في هذا الشهر الكريم، فجميع طقوسه تُعد ميراثًا شرعيًا لكل الحضارات التي شهدها وادي النيل، ما جعل لهذا الشهر نكهة خاصة تختلف عن جميع البلاد الإسلامية، ولكنه في زمن الكورونا، لم تعد لتلك المظاهر أي وجود، أو علي الأقل توارت إلي حين، خوفًا من انتشار فيروس كورونا بين الناس.
منذ أعوام، كان شهر رمضان يبدأ منذ انتصاف شهر شعبان، وكان يمكن لآي زائر لمصر أن يلاحظ احتفالات المصريين واستعداداتهم لاستقبال هذا الشهر، كان الصغار والكبار يقومون بتزيين الشوارع والمحال والمنازل، وذلك تعبيراً عن استعدادهم لرمضان، ويبدأ الباعة الموسميين في بناء مواقع تجارتهم، فتمتلئ الشوارع بباعة الحلوى الشرقية، مثل الكنافة والقطايف، والمخللات المختلفة الملونة التي لا تكتمل موائد الإفطار سوى بها، إلى جانب انتشار محال وأكشاك بيع المشروبات الرمضانية الشهيرة، مثل قمر الدين، التمر الهندي، العرقسوس، السوبيا، وغيرها من المشروبات التي يحبها المصريين.
ونتيجة لانتشار فيروس كورونا، وفي ظل إرتفاع عدد المُصابين، إضطرت أجهزة الدولة لفرض حظر التجوال في الشوارع المصرية لأكثر من 12 ساعة يوميًا، وذلك قبل شهر رمضان بأكثر من شهر ونصف، ما دفع الكثير من المصريين لإلتزام منازلهم، فأضحت الكثير من الشوارع خالية من البشر، ولم تعد لأهم مظاهر شهر رمضان، والتي عُرف بها المصريين منذ العهد الفاطمي، وعلي رأسها زينة رمضان أي وجود علي الإطلاق، وعلي راسها فانوس رمضان.
كان لقرار الدولة المصرية لمنع الصلاه في المساجد منعًا لانتشار الفيروس دورًا في حرمان المصريين لأول مرة من إقامة صلاة التراويح، كما كان له دورًا أخر في حرمان الفقراء وعابري السبيل من موائد الرحمن، ولم يعد للمسحراتي أي صوت ينادي به علي النائمين قبل السحور، "اصحي يا نايم اصحي وحد الدايم.. وقول نويت بكره ان حييت.. الشهر صايم والفجر قايم.. اصحي يا نايم وحد الرزاق.. رمضان كريم".. تلك الكلمات التي أضحت تراثًا إسلاميًا منذ سنوات طويلة.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية