يخرج للنور أوائل 2021

مراكز الأبحاث الدولية تُجري تجارب لـ115 لقاحًا لفيروس كورونا

منذ أن خرج فيروس كورونا من معقله في مدينة ووهان الصينية، وكان ذلك في الثالث والعشرين من شهر يناير من العام 2020، لم تتوقف معامل البحث العلمي بحثًا عن عقار يتصدي له، ورغم أن أغلب تلك المراكز تؤكد أن الدُفعة الأولى من اللقاح يمكن أن يكون جاهزًا للاستخدام ضد فيروس COVID-19، لن يأتي إى بحلول أوائل عام 2021.

 

لتحقيق ذلك الهدف، تحالفت بعض المراكز والمعامل البحثية حول العالم، وبدأ الحديث عن عدد من العقاقير واللقاحات التي تمكنت الصحة العاملية من رصد أغلبها، حيث تم رصد عملية تطوير لحوالي 115 لقاحًا مضادًا لفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، أخرها محاولات باحثي معهد باستور الفرنسي، والذي حصل علي دعم مادي أولي من التحالف النرويجي لإبتكارات التأهب للوباء " CEPI"، يصل إلي بقيمة 4.9 مليون دولار أمريكي لتمويل أبحاث المعهد قبل السريرية، وذلك لإستخدام لقاح معدل ضد الحصبة "لخداع" الجسم، وإنتاج أجسام مضادة ضد فيروس كورونا.

التحالف النرويجي "CEPI" أعلن أن الهدف من دعم عدد من الإبتكارات البحثية في أوروبا تطوير لقاح COVID-19، بحيث يمكن إنتاجه بكميات كافية لتحصين المليارات في وقت قياسي، وأن تلك الاختبارات وضعت له ميزانية قد تصل إلي 2 مليار دولار، خاصة وأن عالم الفيروسات، ورئيس مختبر ابتكار اللقاحات بمعهد باستور الفرنسي، البروفيسور فريديريك تانجي، يري أن التحصين هو الحل الحقيقي الوحيد لمواجهة الوباء، وأنه من المقرر تحصين ما بين 60% إلي 70% من سكان الأرض.

 

  • تكلفة العقار تتخطي 2 مليار دولار.. وتستهدف تحصين 70% من سكان الكرة الارضية.

 

الحقيقة  أن التحالف من أجل ابتكارات التأهب للوباء "CEPI"، ومنذ أن تم نشر التسلسل الجيني لـ SARS-CoV-2، وهو الفيروس التاجي الذي يسبب COVID-19، وذلك في الحادي عشر من يناير 2020، وهي تدعم مطوري اللقاحات لدعم تطوير اللقاحات ضد COVID-19، وبالفعل دخل أول لقاح تجريبي لـCOVID-19 الأختبارات السريرية البشرية بسرعة غير مسبوقة في السادس عشر من مارس 2020، واعتبارًا من 8 أبريل 2020، تضمن المشهد العالمي للبحث والتطوير للقاح فيروس كورونا 115 مرشحًا للقاح، تم تأكيد 78 منها على أنها نشطة، بينهم 73 مشروع في مراحل استكشافية أو ما قبل السريرية، بالإضافة إلي 37 مرشحًا غير مؤكدة.

رويدًا رويدًا، ومع النجاح المبدئي لبعض التجارب، انتقل المرشحون الأكثر تقدمًا مؤخرًا إلى التطور السريري، بما في ذلك mRNA-1273 من Moderna، وAd5-nCoV من CanSino Biologicals، وINO-4800 من Inovio، وLV-SMENP-DC، وaAPC الخاص بمسببات الأمراض من Shenzhen Geno-Immune Medical Institute، وحاليًا يعكف مطوري وباحثي المراكز البحثية علي الإنتهاء من التجارب لبدء الإختبار البشري قبل نهاية عام 2020.

 

أكثر ما يلفت النظر إلي تلك العمليات التطويرية الدائمة للقاحات COVID-19، تعدد المنصات التكنولوجية التي تقوم بتقييمها، بما في ذلك الحمض النووي "DNA" و"RNA"، والجسيمات الشبيهة بالفيروس، وسلسلة الأحماض أمينية "Peptide"، وناقل الفيروس "التكرار وغير المتكرر"، والبروتين المؤتلف أو الحمض النووي الصناعي، والفيروسات الموهنة الحية، ونهج الفيروسات المعطلة، ورغم ان تلك المنصات لا تُعد أساس للقاحات المرخصة حاليًا، إلا أن الخبرة في مجالات مثل علم الأورام شجعت المطورين على استغلال الفرصة لزيادة سرعة التطوير والتصنيع.

 

  • المراكز البحثية الأمريكية تستحوذ علي 46% من برامج التطوير.. والصين تستحوذ علي 18% فقط.

 

أغلب باحثي وعلماء المراكز البحثية أكدوا علي أن المنصات التي يستخدمونها توفر مرونة كبيرة من حيث معالجة المستضدات، وإمكانية سرعة التاثير، وقد بدأت بالفعل "Moderna"، شركة التكنولوجيا الحيوية بمدينة كامبريدج بولاية ماساتشوستس الأمريكية، اختبارًا سريريًا لقاحها القائم على mRNA mRNA-1273، وذلك في منتصف مارس 2020، أي بعد شهرين فقط من تحديد التسلسل الجيني لـ SARS-CoV-2، ما يعني أن بعض اللقاحات تعتمد بالفعل علي البروتينات المؤتلفة لأمراض أخرى، وبالتالي يمكن الإستفادة من الطاقة الإنتاجية الحالية واسعة النطاق.

حتى الآن ، وطبقًا لمنظمة الصحة العالمية، أشار 10 مطورين على الأقل إلى خطط لتطوير لقاحات مساعدة ضد COVID-19، وقد التزم مطورو اللقاحات بما في ذلك شركة الأدوية البريطانية "GlaxoSmithKine" بمدينة برينتفورد اللندنية، وشركة الأدوية الامريكية " Seqirus" بمدينة هولي سبرينغز، بولاية كارولاينا الشمالية، وشركة الابحاث الأمريكية "Dynavax"، بولاية كاليفورنيا، بتوفير المواد المساعدة المرخصة، وعلي رأسها، AS03 وMF59 وCpG 1018، على التوالي، وذلك للاستخدام مع COVID- 19 لتكوين لقاحًا قام بتطويره آخرون.

 

أما عن نوعية المستضدات أو SARS-CoV-2 المحددة، والتي تستخدم في تطوير اللقاح محدودة، فقد أوضح باحثي المؤسسات العلمية العالمية أن أغلب المرشحين تتوافر لديهم معلومات تهدف إلى تحفيز الأجسام المضادة المحايدة، وذلك ضد بروتين السنبلة الفيروسية "S"، مما يمنع امتصاصها عن طريق مستقبلات ACE2"" البشرية، رغم أنه من الواضح إرتباط بروتين "S" المستخدم في المرشحين المختلفين ببعضهم البعض، أو بعلم الأوبئة الجينومي للمرض، وإن كان البعض يعتقد أن عملية تطوير لقاح السارس يمكن أن تنتج بعض التأثيرات التي تعزز من مناعة لمختلف المستضدات الأخري.

أما عن المؤسسات التي تقوم بتطوير تلك اللقاحات، فطبقًا للملف الشخصي التي قدمته الصحة العالمية، فأن 56 من تلك اللقاحات النشطة، أي ما يعادل 72% من مجمل اللقاحات النشطة، والتي يصل عددها 78 لقاح، يقوم بتطويرها مؤسسات صناعية بحثية خاصة، في حين تقوم الأكاديميات العلمية والقطاع العام والمنظمات الأهلية بتطوير 22 لقاح أي ما يعادل 28%، وذلك علي الرغم من أن عدد كبير من مطوري تلك اللقاحات ينتمون لمؤسسات وشركات متعددة الجنسيات، وعلي رأسها شركة الأبحاث الطبية المبتكرة وتطوير المنتجات الصيدلانية "Janssen"، وشركة الأدوية فرنسية "Sanofi"، والتي تُعد خامس أكبر شركة في العالم من حيث مبيعات الوصفات الطبية.

 

أما عن التقسيم الجغرافي للشركات البحثية التي تعمل علي تطوير لقاحات التصدي لفيروس COVID-19، فإن أغلبها يتم في المراكز البحثية الأمريكية الشمالية، حيث يعمل علي أرضها 36 مطورًا، بنسبة وصلت إلي 46% لمرشحي اللقاحات النشطة المؤكدة، مقارنة بـ14 مطور يعمل في كل من الصين بمفردها، وقارة أسيا بدون الصين، وقارة أوروبا، أي بنسبة وصلت إلي 18% لكل منهم، وحتي الأن لا توجد أي معلومات عن نشاط مؤسسات تطوير اللقاحات في قارتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية، رغم أن السيطرة علي الوباء تتطلب المزيد من التنسيق ومشاركة نصف الكرة الجنوبي في جهود البحث والتطوير للقاحات.

الحقيقة التي يجب أن نعترف بها، إن جهود البحث والتطوير العالمية للقاحات المضادة لوباء COVID-19 غير مسبوقة، سواء من حيث الحجم أو السرعة، وهذا ما جعل الباحثون يؤكدون علي أن اللقاح يمكن أن يكون متاحًا تحت الاستخدام الطارئ أو البروتوكولات المماثلة بحلول أوائل عام 2021، ما سيؤدي إلي تغييرًا جذريًا في مسار تطوير اللقاح التقليدي، والذي يستغرق في المتوسط ​​أكثر من 10 سنوات، حتى بالمقارنة مع الجدول الزمني المعجل لتطوير لقاح إيبولا الأول، والذي خرج إلي النور بعد 5 سنوات، ما يتطلب نماذج تطوير لقاح جديدة تتضمن مراحل تطوير متوازية ومتكيفية، وعمليات تنظيمية مبتكرة، وتوسعة القدرة التصنيعية.

 

لكن كيف سيتم تجربة تلك اللقاحات؟، هذا هو السؤال الأهم، فمؤسسات التطوير تحتاج بالفعل علي وسيط يمكنه استقبال تلك اللقاحات لتقييم فعاليتها، لذا قاموا بتطوير نماذج حيوانية خاصة بـ COVID-19، بما في ذلك الفئران المعدلة وراثيًا ACE2، والهامستر، وبعض الحيوانات الرئيسية، ما يعني ان تلك المؤسسات تقوم بمعايير تدابير احتواء مستوى السلامة الأحيائية 3، وذلك للدراسات على الحيوانات التي تنطوي على تحديات الفيروسات الحية، ومن المحتمل أن يتطلب الطلب على هذه القدرات التنسيق الدولي لضمان توافر سعة مختبرية كافية.

االمصادر:


1)    التحالف النرويجي لإبتكارات التأهب للوباء " CEPI".
2)    منظمة الصحة العالمية.
   

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية