منذ ما يقرب من خمسة وتسعون عامًا مضت، تحديدًا في العام 1925، حصلت العاصمة المصرية القاهرة علي وسام أجمل وأنظف مدينة فى حوض البحر المتوسط وأوروبا، حتي أن تجميل مدينتي لندن أو باريس، كانوا يفتخرون أنها أصبحت راقية ونظيفة مثل القاهرة، وقد جاء هذا الفوز علي حساب عواصم أوروبية كبيرة وعريقة، علي رأسها لندن وباريس وبرلين وفيينا وجنيف.
وفقًا للمعايير والضوابط التي وضعت لإختيار أجمل وأنظف مدينة تم إختيار القاهرة، وقد استند هذا الإختيار إلي توافر بعض المعايير والشروط، والتي كان من أهمها طبقًا لتقرير الإختيار نظافة الشوارع، والتي كان يتم غسلها كل ليلة بالماء والصابون، كما أنها كانت مرصوفة وتنتشر علي جنباتها بلاعات المياة الجيدة، وأرصفة تتسع للسائرين ليلا ونهارا، وإضاءة مريحة، وأشجار بأنواعها تسر الناظرين.
كانت القاهرة بشوارعها وميادينها ومبانيها ومحلاتها التجارية الأنيقة محط أنظار كبار المستكشفين والمصورين الغربيين لإلتقاط صور نادرة، علي رأسهم ريتشارد موسيري، نرت ودروك، ماكس كاركيجي، وتحتفظ بها كُبري المكتبات العالميةن علي رأسها مكتبة نيويورك العامة، ومكتبة الكونجرس، علي الأخص مجموعة إريك ماتسون.
وفقًا للصور التي حصلت عليها "إيجيبشيان جيوجرافيك"، والتي تخص إريك ماتسون، وتحتفظ بها مكتبة الكونجرس، ضمت العاصمة المصرية القاهرة عدد ضخم من المباني العريقة، والحدائق الرائعة، علي رأسها حديقة الأزبكية، وحديقة الحيوان، والتي ضمت مجموعة متميزة من الحيوانات والطيور النادرة، وكانت في مقدمة حدائق الحيوان فى العالم، وحديقة الأورمان، والتى تضم مجموعة من الأشجار والنباتات النادرة، وحديقة الأندلس ذات التصميم المتميز.
تقرير الجائزة تضمن عدد من النقاط التي بفضلها رجحت كفة القاهرة أمام عواصم العالم، كان من أهمها التقسيم والتوزيع الجيد للأحياء السكنية بما يضمن الهدوء التام، والتخطيط الجيد للأحياء التجارية والمناطق الترفيهية، والذي قام بتخطيطها المهندس الفرنسي "هاوسمان"، والذي قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية، وكان الهدوء وعدم وجود ضوضاء سمة من سمات المدينة التى كان يقيم بها 2 مليون مواطن من جملة سكان مصر وعددهم 19 مليونًا، مع مراعاة الزيادة السكانية المطردة فى الخطط التوسعية المستقبلية للمدينة.
كان لتصميم القاهرة بعض النتائج التي غيرت من شكلها، أهم تلك النتائج نقل مجرى النيل الرئيسى من مكانه القديم، حيث كان يمر بمنطقة بولاق الدكرور، وبمحاذاة شارع الدقى حاليا وإمبابة إلى حيث مكانه الحالى، كما نقل المجرى الذى حلت محله الآن حدائق الحيوان والأورمان وجامعة القاهرة وأحياء الدقى والعجوزة والمهندسين وإمبابة وبين السرايات بالجيزة، أما الفرع الشرقى من النيل وشواطئه الشرقية فكانت عبارة عن سيالة ضيقة تنحسر عنها المياه معظم فصول السنة لارتفاع منسوب قاعها.
لتأسيس عاصمة جديدة من شأنها منافسه عواصم أوربا وتحويل القاهرة لباريس الشرق، حرص الخديوي إسماعيل على استقدام أمهر المعماريين الأوربيين ليقوموا بتصميم جميع الطرز المعمارية، وتتحول القاهرة إلى متحفًا مفتوحًا للعمارة الحديثة والكلاسيكية، علي رأسهم المعماري النمساوي أنطونيو لاشياك، ومن أهم أعماله قصور الزعفران والطاهرة وشامبليون، والإيطالي ماريو روسي، ومن أهم أعماله دار الأوبرا ومسجد عمر مكرم، والنمساوي مارسيل دورنون، ومن أهم أعماله المتحف المصري، والنمساوي أوسكار هوروفيتس، ومن أهم أعماله عمارة تيرنج التجارية بميدان العتبة، والتي كانت تنافس محلات لندن وباريس، ومنها محلات هورنستينز، وفيتيل، وليبتون.
هناك ايضًا المعماري النمساوي إدوارد ماتاسك باشا، والذي كان من أهم أعماله المعبد اليهودي بشارع عدلي، والبريطاني روبرت وليامز، ومن اهم أعماله عمارة الشوربجي أو سان ديفيز، والإيطالي جوزيبي ماتسا، ومن أهم أعماله مبني صيدناوي بشارع سليمان باشا، ومبني جروبي الشهير بميدان طلعت حرب، والفرنسي ألكسندر مارسيل، ومن أهم أعماله قصر البارون إمبان، وكاتدرائية البازيليك، والمالطي أرنولد زارب، ومن أهم أعماله محطة مصر بميدان رمسيس، والإيطالي فرانسسكو باتيجلي، ومن أهم أعماله فندق سافوي بميدان سليمان باشا.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية