يحكي قصة 275 عام من التاريخ

"سبيل وكتاب كتخدا".. مزيج من الطراز العثماني والمملوكي

رغم أنه لم يكن الآثر الوحيد لـ"عبد الرحمن كتخدا"، إلا أنه يُعد الأكثر تفردًا، فرغم كونه أحد المنشأت الخيرية، اعتمد في تصميمه علي مزج من الطرازين العثماني والمملوكي المصري، كون صاحبه كان مهندسًا وقائدًا للجيش، قبل أن ينفيه على بك الكبير عام 1763 لأكثر من 13 عامًا.

 

يقع سبيل كتخدا، والذي كان في أغلب الأحيان يعلوه مكان لتحفيظ الأطفال القرآن يعرف بالكتاب، فى تقاطع شارعى بين القصرين والتمبكشية بمنطقة النحاسين، بشارع المعز لدين الله الفاطمي، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1157 هجرية-1744 ميلادية.

وتتكون العمارة الخارجية لهذا السبيل من ثلاث واجهات حجرية، أولها رئيسية فى الناحية الشمالية الغربية، تشتمل على مدخل رئيسى يطل على شارع التمبكشية، عبارة عن حجر غائر يغطيه عقد مدائنى يحيط به جفت لاعب، تكتنفه من أسفل مكسلتان حجريتان متماثلتان، بينهما فتحة باب ذات مصراع خشبى، واحد يعلوه عتب رخامى عليه كتابات إنشائية، وفوق العتب دخلة ذات صدر مقرنص، تتصدرها نافذة مستطيلة ذات حجاب من التشبيكات المعدنية، يكتنفها عمودان حلزونيان على جانبيهما شجرتا سرو، وتنتهى الدخلة أسفل طاقية العقد بمساحة مربعة تتوسطها دائرة، يحيط بها جفت لاعب بأربع ميمات مركبة فى الأركان، تحصر بينها وبين أركان المربع زخارف نباتية على هيئة إكليل من الزهور بطراز الروكوكو.

على يسار مدخل سبيل كتخدا يوجد شباك للتسبيل، يغشيه حجاب خارجى من المصبعات المعدنية المشغولة على هيئة بخاريات، فى أسفلها بائكة ذات عقود ثلاثية مفصصة لتسهيل حركة استخدام كيزان ماء الشرب، وأسفل هذا الشباك ثلاثة كوابيل حجرية، يرتكز عليها لوح رخامى كان مخصصا لوضع كيزان ماء الشرب، وتنتهى هذه الواجهة من أعلا بست حطات من المقرنصات، تحمل واجهة الكتاب فى الطابق العلوى، وهى عبارة عن شرفة خشبية ذات عقود نصف دائرية ترتكز على أعمدة يعلوها رفرف خشبى، أما عن الواجهتان الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية، فهما واجهتان متماثلتان تماما، وتشبه كل منهما الواجهة الرئيسية المشار إليها فى الناحية الشمالية الغربية.

أما العمارة الداخلية لسبيل كتخدا، خاصة بالواجهة الشمالية الغربية، فهى عبارة عن دركاة مربعة، على يمينها فتحة باب تفضى إلى ملاحق للسبيل والصهريج، وعلى يسارها فتحة باب ثان، يعلوه كتابات من بلاطات قاشانية باللون الأزرق على أرضية بيضاء، ويفضى هذا الباب الثانى إلى حجرة السبيل،  وهى عبارة عن حجرة مستطيلة بها ثلاثة شبابيك للتسبيل، بواقع شباك فى كل واجهة من الواجهات الثلاث المشار إليها، أسفل كل منها حوض رخامى للماء المسبل، وقد كسيت جدرانها ببلاطات خزفية تزينها زخارف نباتية زرقاء، ذو أرضية مغطاه بألواح رخامية ملونة، وبسقف خشبى تزينه زخارف هندسية قوامها وحدة الطبق النجمى.

 

أما الكتاب فيقع فى الطابق العلوى، ويُصعد إليه عن طريق باب ثالث بصدر الدركاة، بداخله سلم حجرى فى مواجهة المدخل الرئيسى، ينتهى إلى حجرة مستطيلة، بنفس هيئة حجرة السبيل فى أسفلها، وتبرز عن هذه الحجرة شرفة دائرية ذات أرضية مرتفعة عن أرضية الكتاب، ترتكز على أربعة عشر عمود خشبى، فى أسفلها درابزين من خشب الخرط، وفى أعلاها رفرف خشبى، وقد فرشت أرضية هذا الكتاب ببلاطات حجرية، وسقف خشبى مسطح تزينه زخارف هندسية قوامها أطباق نجمية.

كان سبيل وكتاب كتخدا ينتمي لمجموعة معمارية مستقلة، وتتكون من منزل وستة حوانيت، تلك المجموعة جمعت الكثير من روائع العمارة الإسلامية العثمانية، ولاسيما القاشانى النادر الذى يغطى جدرانه، والذى يشتمل على لوحة كاملة تمثل منظورا للكعبة المشرفة، يحيط به إطار بديع تزينه زخارف نباتية، ويتكون من مستطيل قاشانى يشتمل على اثنتى عشرة بلاطة مربعة ذات ألوان أزرق وأخضر وأصفر على أرضية بيضاء، وأسفل هذه اللوحة رسم محراب تتدلى منه مشكاة، كما يشتمل على زخارف هندسية رائعة فى تواشيح عقود شبابيك التسبيل، صُنعت من الرخام الدقيق المختلف الألوان.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية