منذ ما يقرب من نصف قرن قررت الحكومة المصرية شق قناة ونفق عبر الصحراء الغربية بطول ثمانية كيلو مترات، وذلك من الجانب الغربي لمنطقة الفيوم المنخفضة، ما أدي إلي تدفق مياه الصرف الزراعي الفائضة من واحة الفيوم إلى وادي الريان، ليشكل بذلك بحيرتين صناعيتين كبيرتين، حيث تصل المياه أولا إلى البحيرة الشمالية، وعندما تتعدى طاقتها الاستيعابية، يتدفق الماء منها إلى جدول نحو أعمق جزء من المنخفض مشكلا البحيرة الثانية، وبسبب تآكل مجرى الجدول، بدأت الصخور الطبيعية بالظهور وتشكلت الشلالات فوقها.
فكرة الاستفادة من مياه وادي الريان، بدأت في عهد محمد علي باشا، والذي كلف كبير مهندسيه "لينان دي بلفون" بالبحث عن طريقه لتخزين مياه الفيضان، وفي عام 1882، تقدم المهندس الأمريكي "فريدريك توب هويت" بمشروع لتحويل مياه النيل إلي منخفض الريان، وذلك لحماية النيل من الفيضانات العالية، والانتفاع بالمياه المخزونة وقت الحاجة، كما قدم كلا من "وسترن" و"ليرنوبك" دراسة تفصيلية لمشروع وادي الريان، وقدم بالفعل تقريرًا بذلك في عام 1880، وفي عام 1892 قدم السير "وليم وللكس" تقريره الأول، وفي عام 1894 قدم تقريره الثاني، وفي عام 1895 قدم تقريره الثالث، وكان التفكير يتجه إلي توصيل نهر النيل لعمل طراد ضخم بوادي الريان عن طريق حفر قناة تمر بالقرب من منشأة الحاج جنوب غرب أهناسيا بحوالي 7 كيلو مترات إلي وادي الريان.
في عام 1943 بدأت الحكومة المصرية في حفر مساحة كبيرة من تلك القناة، ولكن المشروع توقف لأسباب اعتقدوا في البداية أنه علمي، فقد أعلن بعض خبراء الجيولوجيا أن أسفل منخفض الفيوم مليء بالفوالق والكسور التكتونية، اخشي مهندسي القناة من تسرب المياة إلي تلك الفوالق، وبعد سبعة سنوات، وتحديدا في عام 1950 أثبت الخبير الجيولوجي سير سيرك دي فوكس كذب تلك النظرية، ورغم ذلك تم إلغاء فكرة تحويل وادي الريان الي خزان مائي، وذلك لبدء دراسات تنفيذ السد العالي في أسوان.
طيلة قرنين من الزمان سعت الدولة المصرية لدراسة تخزين مياة النيل في منخفض الفيوم، وما شجعها علي ذلك أن الوادي ينخفض عن سطح البحر المتوسط بمقدار سالب 46 متر، أي حوالي 1 متر عن منسوب بحيرة قارون مما مكن من صرف الأراضي الزراعية الجنوبية في الفيوم إلي وادي الريان، ما شجع الدولة المصرية للعودة الي نفس الفكرة مرة ثانية في عام 1974 ليبدأ العمل به.
ومنذ افتتاح تلك القناة والمياه الفائضة تتجه من واحة الفيوم مباشرة إلى بحيرة قارون في الشمال، تلك البحيرة قادرة علي استيعاب كمية محدودة من تلك المياه، وما يزيد عنها يصب في البحيرة الثانية، وقد ساعد انخفاض موقع وادي الريان على ذلك، لذا تفرعت تلك الشلالات عدة شلالات مختلفة الارتفاع، وتقع جميعها في وادي القصيمات، حيث يصل فرق المنسوب بين البحيرتين عشرون مترا، وهي عبارة عن ثلاث شلالات طبيعية، يتراوح ارتفاعها ما بين 2 إلي 4 أمتار.
طبقا للخبراء لن تبقى هذه الشلالات للأبد، حيث أن مستوى البحيرة السفلى في ارتفاع مستمر، ولن تستمر المياه في التدفق عبر الشلالات، إلا إذا ارتفع معدل تبخر المياه في البحيرة بما يساوي كمية المياه التي تصب فيها، أما إذا استمر مستوى مياه البحيرة في الارتفاع، ستختفي الشلالات تدريجاً، وتندمج مع البحيرة.
أهم ما يميز منطقة الشلالات والبحيرات الصناعية أنها أصبحت موطنا للنباتات، مما جعلها موطنا شتويا مناسبا لأكثر من 140 نوع من الطيور المهاجرة، ومكان مثالي لتربية الأسماك، كما أنها تعد محمية طبيعية وموطناً لأكبر عدد من الغزلان "نحيلة القرن" في العالم، بالإضافة إلى 24 نوعٍ أخرى من الثدييات مثل ثعلب الفنك، وابن آوى، والثعالب، والقط البرى، والنمس، و143 نوعا من الطيور، و15 نوعا من الزواحف، و29 نوعا من السمك، إضافة إلى الحفريات البحرية التي يرجع تاريخها إلى حوالي 40 مليون سنة، كما تنتشر بها أسنان القروش وقروش اللئكة والأصداف البحرية والقنافذ البحرية
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية