استقبله أهل أورشليم بسعف النخيل

"أحد الشعانين".. يوم دخل المسيح بيت المقدس ملكًا علي ظهر حماره

"خلصنا خلصنا".. بتلك العبارة استقبل شعب بيت المقدس السيد المسيح عيسي بن مريم علية السلام، حاملين بايديهم الزعف وجريد النخل الأخضر، راجين منه الخلاص من الحكم الرومانى الذى عذب وقتل آلاف الشهداء منهم، ليخلد التاريخ هذا الاستقبال الاسطوري بإحتفال خاص أطلق علية "أحد السعف"، أو "أحد الشعانين" أو الزيتونة.

 

وفقًا لمعجم الكلمات، لفظة "شعانين" هي الفظة العبرانية "شيعة نان"، وتعني "يا رب خلص"، ومنها أُخذت لفظة أوصنا اليونانية، والتي ترتلها الكنيسة في هذا اليوم، في حين استخدم مسيحيو بيت المقدس السعف لعدة أسباب، أهمها أن النخل يعيش سنوات طويلة، ويرمز للخلود، ويعطى لونه الأخضر إيحاء بالسلام، لذلك تستخدمه الكنائس لإحياء ذكرى دخول المسيح بيت المقدس.

يأتي أحد الشعانين قبل الفصح بأسبوع وهو الأحد الأخير من الصوم الكبير، كما أنه يُعد اليوم الأول من أسبوع الآلام، فطبقًا للإنجيل، غادر السيد المسيح "بيت عنيا" قبل الفصح بستة أيام، وسار إلى الهيكل، علي راكبًا حمار تحقيقًا لنبوؤة زكريا بن برخيا، والتي قال فيها "لا تخافي يا ابنة صهيون، فإن ملكك قادمٌ إليك راكبًا على جحشِ ابن أتان"، وكان في استقباله شعب بيت المقدس، البعض يفرش ثيابة أمامه، والأخر يقطع أغصان الشجر ويلقونها في طريقة إحتفالًا به، صارخين "هوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب هوشعنا في الأعالي".

قديمًا عُرف هذا اليوم بعدة أسماء مختلفة، فمنهم من أطلق علية "أحد المستحقين"، وهم طلاب العماد الذين عرفوا الدين المسيحي وأرادوا اعتناقه، فكانوا يذهبون ويطلبون التنصير يوم "سبت النور"، وهو ما يُعرف طبقًا لاصطلاحات الكنيسة في أول عهدها باسم "سبت لعازر"، كما كلنوا يطلقون علية "أحد غسل الرأس"، وهى عادة كانت لهم في ذلك الزمان، إشارة للتطهير والاستعداد للتنصير، وهناك أيضًا أسماء أخري، مثل أحد الأغصان، وأحد السعف، وأحد أوصنا.

رغم الاتفاق العام علي ذكري أحد الشعانين، إلا أن الكثير من البلدان لها قطوس خاصة للاحتفال بذلك اليوم، ففي الأردن ولبنان وفلسطين وسوريا والعراق، يعتبر مناسبة خاصة وعائلية، حيث يُحضر الأطفال الكنيسة مع فروع من أشجار الزيتون والنخيل، وبعد القداس تقام العديد من المواكب التي ترافقها فرق الكشافة، في حين يُعد في الهند، وتحديدًا في ولاية "كيرالا" في الجنوب، أهم الأيام المقدسة في تقويم مسيحيون مار توما، فيقومون بنثر الزهور حول الهيكل خلال قراءة الإنجيل عند جملة، وتحديدًا عند عبارة: "هوشعنا في الأعالي مبارك الاتي باسم الرب"، حيث تتم قراءة هذه الكلمات ثلاث مرات.

أما عن طقوس أحد الشعانين نفسه، فتبدأ ليلة الأحد بطقوس، حيث توجد إبصالية خاصة بالعيد، موجودة بكتاب دلال أسبوع الآلام، ويتم ترديدها في القداس بالحن الفرايحي، ثم ترفع صلوات البخور باكر مع ما يعرف بدورة الصليب، وفى نهاية القداس يصلى طقس التجنيز العام، أحد طقوس أسبوع الآلام، وخارج الكنائس يفترش باعة سعف النخيل ساحات الكنائس ومحيطها، ويتفنن الأقباط فى صناعة أشكال مختلفة من سعف النخيل مثل الخواتم والقلادات والصلبان.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية