في نهاية عام 2014 أعلنت مصر خطة طموحة لتوليد 4300 ميجاوات كهرباء من مصادر طاقات متجددة، شمس ورياح، بإجمالي 4000 ميجاوات، و300 ميجاوات طاقة شمسية لسكان المنازل العاديين، من خلال نظام شراء الطاقة المولدة من المنتجين، الغير حكوميين، بنظام التعريفة المميزة FIT.
واليوم، وبعد مرور أكثر من عامين على إعلان الخطة الطموحة، بالإضافة للدخول في مرحلتين من إنشاء مشاريع محطات الطاقات المتجددة بنظام التعريفة المميزة، لم يحدث الكثير وظل المتحقق على أرض الواقع نسبة مئوية بسيطة من الرقم الكبير المعلن عند إطلاق الخطة الطموحة، خصوصاً مع انتشار انطباع لدى دوائر صناع القرار بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، بأن التعريفة المميزة المعلنة في المرحلة الأولى كانت سخية وأعلى، بالمقارنة مع التعريفات المميزة في دول عربية مجاورة.
الانطباع الحكومي المشار إليه غير صحيح، إذا تضمنت المقارنة كل المعطيات، لا فقط سعر مقابل سعر، لكن الانطباع الحكومي أصبح سياسة، مما أدى إلى تحجيم النمو المستهدف في مشاريع إنشاء محطات توليد الكهرباء من مصادر متجددة، لتقتصر على بضع مئات من الميجاوات.
من هنا كان من الضرورة قيام مؤسسات المجتمع الصناعي والتجاري بأخذ زمام المبادرة، والتوجه نحو استخدامات الكهرباء النظيفة من مصادر متجددة، شمس ورياح، لتحقيق مفهوم التنمية المستدامة وتحقيق وفر في تكاليف استهلاكات الكهرباء التقليدية، تلك النوعية الآخذة في الزيادة منذ عدة سنوات، وحتى نهاية تحرير سوق الطاقة عام 2019، خاصة وأن هناك حوافز حكومية فنية تقدم لتلك المؤسسات، والتي تتوجه نحو الكهرباء النظيفة، وتستفيد من خدمات تقدمها منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة بالقاهرة، مما يمثل حافزاً إضافياً نحو التوجه لمصادر الطاقات المتجددة.
من هنا وجب علينا النُصح بأهمية أن يدعم المجتمعين الصناعي والتجاري المبادرة، يجب علية التوقف عن الاعتماد المستمر على الدعم الحكومي الآخذ في النقصان، فالدولة بكل أجهزتها لم تعد لدي موازنتها العامة القدرة علي تقديم المزيد من الدعم.
علي المستوي العالمي هناك تجارب يمكن الاستفادة منها، فعلي سبيل المثال هناك مؤسسة "Tesco" العالمية، وباعتبارها خامس أكبر سلاسل بيع مواد بقاله في العالم، فقد تعهدت منتصف مايو من العام 2016، للتحول لخفض انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة على مستوى 6500 فرع حول العالم، بداية من أكبر سوقين للسلاسل الانجليزية في انجلترا وتايلاند، وأعلنت إنها ستقوم بذلك عن طريق جعل كهرباء "Tesco" المسئولة عن 65% من الانبعاثات الضارة، تتحول إلى إضاءة خضراء معتمدة على توليد الكهرباء من الألواح الشمسية، والتخلص من نظم التبريد المسئول عن 15% من الانبعاثات الضارة، بالاضافة إلى 12% من الانبعاثات الصادرة من عربات التوزيع التابعة للسلسلة البريطانية الشهيرة.
النقطة المهمة للغاية والتي يجب أن تهتم بها سلاسل بيع مواد البقالة في الأسواق المصرية هي أن الانفاق الخطة الطموحة لـ Tesco للتحول للطاقة النضيفة يأتي من خلال الوفر! وبما لا يؤثر على أرباح الشركة العملاقة، ففي الوقت الذي أنفقت فيه 700 مليون جنيه إسترليني خلال 10 سنوات، خلال الفترة من 2007 إلى 2017، إلا إنها نجحت في خفض فاتورة استهلاك الكهرباء العادية بقية 200 مليون جنيه إسترليني سنوياً، ما يعني أنه في نفس الفترة، عشر سنوات، تم صرف 700 مليون جنيه إسترليني على التحول لمصادر طاقة متجددة نظيفة ما أدى لتحقيق وفر أو فائض في المصروفات بقيمة الضعف، ما يثبت جدوى التحول لطاقة الكهرباء النظيفة، سلسلة التوزيع البريطانية الشهيرة تستهدف الوصول لاستهلاك كامل الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عا 2030 والوصول إلى مجتمع خالي من الكربون، أو ما يسمي "Zero- Carbon" في كل أنشطتها التشغيلية بحلول عام 2050.
ومن خلال الإيجيبشيان جيوجرافيك، نطلق الدعوة للمؤسسات الصناعية والتجارية العاملة بالسوق المصري، للتحول نحو استخدامات الكهرباء النظيفة، خصوصاً مع استكمال تحرير سوق الطاقة عموماً في مصر، من خلال إلغاء الدعم المقدم على شرائح استهلاك الكهرباء، ليشتري المستهلك الصناعي والتجاري والمنزلي الكهرباء، بالقيمة الحقيقة الغير مدعومة مما يقدم جدوى اقتصادية للتحول لاستخدمات الكهرباء النظيفة المولدة من طاقات متجددة، خصوصاً الطاقة الشمسية، ما سيؤدي إلى تحقيق وفر في فواتير استهلاكات الكهرباء التقليدية بالنسبة للشركات الكبرى المدعوة هنا للتوجه نحو الاقتصاد الأحضر لعوائده المادية والبيئية المهمة والمطلوبة دولياً، باعتبار مصر موقعة على اتفاقية باريس للمناخ 2015، ومحلياً لجدواه الاقتصادية والبيئية.
مؤسس الشبكة المصرية للطاقات المتجددة والمياه
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية