"ستة ملايين فقط .. وتنسون الجزائر وثورتها ضد فرنسا"... كان هذا ما ارتأته الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس روزفلت سنة 1956، فقد توقعوا أن منحة قدرها ستة ملايين قادرة على أن ينسى الشعب المصري ورئيسهم جمال عبد الناصر أمر ثورة الجزائر، فأرسلها في حقيبة خاصة مع نائبه حسن إلهامي، مدعياً أنها منحة لدعم البنية التحتية المصرية.
"لا وألف لا".. بهذه العبارة استقبل الرئيس جمال عبد الناصر المنحة الأمريكية، فلم يكن بالرجل الذي ينسي ثورة الجزائر، بل اي ثورة لشعب يبحث عن الحرية، فأصدر قرارا ببنائه ليصح علم بارزا للكرامة المصرية، ورمزا لمساندتها للقضايا العربية، ذلك المبني الذي أطلق عليه الأمريكان "شوكة عبد الناصر"، في حين أطلق عليه الشعب المصري "وقف روزفلت"، لذلك كتب عنه المؤرخون بأنه "أطول لا في التاريخ".
"برج القاهرة".. من أهم معالم العاصمة المصرية، يقع على ضفاف النيل، في جزيرة الزمالك، قام بتصميمه المهندس العبقري نعوم شبيب على شكل زهرة اللوتس، وأستوحى فكرته من نقوش القدماء المصريين الموجودة فوق جدران المعابد، ليكون ثاني أعلى برج سياحي في العالم بعد برج إيفل، المطل على نهر السين في العاصمة الفرنسية باريس.
يُعد البرج تحفة معمارية رائعة يصل ارتفاعه إلى 187 مترا، ويتكون من 16 طابقا، وهو أطول من الهرم الأكبر بحوالي 43 مترا، شارك في بنائه 500 عامل مصري، واستغرق بناؤه 5 سنوات، حتى افتتح عام 1961، بتكلفة وصلت إلى 6 ملايين جنيه.
أستخدم في بناء قاعدة البرج الجرانيت الأسواني الذي كان يستخدم في المعابد الفرعونية القديمة، وفي الطابق الرابع عشر يوجد مطعم دوار يدور حول نقطة ارتكاز تجعل رواده قادرون على رؤية القاهرة من جميع الزوايا، وفي الطابق الخامس عشر توجد كافتريا علوية، يمكن من خلالها أن يستمتع الزائر برؤية القاهرة من فوق أطول مبانيها.
"45 ثانية" هي كل ما تستغرقه الرحلة للوصول إلى قمة البرج، وفي النهاية يمكن رؤية صورة بانورامية كاملة للقاهرة، ويمكن رؤية الأهرامات، وأبي الهول، ومبني التليفزيون، والنيل وقلعة صلاح الدين، والأزهر، ما يعني امكانية زيارة مصر كلها من اعلي برج القاهرة، فعندما تنظر في النظارات المكبرة يمكنك أن تقترب من أي مكان في مصر.
وفي عام 2006، بدأت عمليات ترميم وتجديد للبرج تكلفت 15 مليون جنيه، استغرقت هذه التجديدات حوالي سنتين، أضيف خلالها للبرج 3 أدوار من الهياكل المعدنية أسفل البرج، وسلم للطوارئ، ولأنه لم يكن من المقبول أن تقف هذه التحفة المعمارية في ظلمة الليل بالجزيرة بلا إضاءة تعلن عن وجوده، ومكانته، كمزار سياحي ممتع، وبعد عامين من إغلاقه افتتح للمرة الثانية عام 2008، بعد تزويده ببواعث للضوء، هذه البواعث تطلق ألوان الطيف السبع في صور بقع مضيئة وكأنها تحاكي نجوم العاصمة التي ترصع سماءها ليلا.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية