قبل أربعين مليون سنةً مضت، كان أكثر من نصف مصر الشمالي تحت المياه، لم يكن البحر الأبيض المتوسط سوي جزء صغير من بحر عظيم يُسمي "بحر التيثس"، أو أبو المحيطات، كانت أغلب دول الشمال الإفريقي حتي جنوب ما يُعرف اليوم بدلتا مصر بعد محافظتي بني سويف والفيوم، تشكل قاع ذلك البحر.
أدي انخفاض درجات حرارة الأرض لتكوين القطبين الشمالي والجنوبي، ما دفع مياه بحر "التيثس" للانحسار بعيداً عن شمال إفريقيا وعدة مناطق أخرى، لكن ظلت الحفريات وبقايا الأسماك التي عاشت في هذه الحقبة عالقة حتى اليوم في العديد من المناطق منها منطقة وادي الحيتان، والمعروفة باسم "قارة جهنم".
تكمن أهمية وادى الحيتان فيما يحتويه من حفريات، ما أهله لأن يُصبح متحفاً بيولوجياً مفتوحاً لمختلف الحفريات البحرية، من هياكل متحجرة لحيتان بدائية، وأسماك القرش وأصداف، بالإضافة لحفريات عروس البحر، وغيرها من الحيوانات البحرية والأرضية التي عاشت في العصر الأوسيني، حيث يضم عدداً كبيراً من حفريات الحيتان الضخمة وصل عددها لنحو 400 حفرية، ما يُعطي تصورا شبه كامل عن شكل الحياة وتطور الكائنات الحية في ذلك الوقت.
تم اكتشاف وادي الحيتان أثناء المسح البيولوجي الذي قام به العالم "بيد تيل" لمصر سنة 1903 ميلادية، حينها اكتشف أول حفرية للحوت "الباسيلوسورس إيزيس"، وهو أحد أضخم الحيتان المعروفة حتى اليوم، ويصل طوله إلي حوالي 18 متراً، عاش فوق مصر في عصر الإيوسين، أي قبل حوالي 55 مليون عام مضت، ويعتقد أنه يعود لأحد الحيوانات الثديية التي كانت تعيش في هذه الحقبة، لكن بسبب الارتفاع الشديد في درجات حرارة الأرض بهذا العصر، اضطرت أغلب الحيوانات ترك بيئتها الطبيعية والعيش بجوار الشواطئ، ومع الوقت تأقلمت على العيش والسباحة في الماء للحصول على طعامها من الأسماك.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية