"أتمني أن يكون نصيبي من الدنيا مثل نصيب أبي.. غادرها دون أن يترك خلفة سوي عصاه ومصحفه الشخصي".. تلك كانت الأمنية التي عاش من أجل تحقيقها الفنان والرسام ابن محافظة الإسماعيلية إسماعيل دياب، فمنذ أن غادر عالمنا قبل أكثر من خمسة عشرة عامًا، وتحديدا في الحادي عشر من فبراير عام 2005، ورسوماته ولوحاته علي أغلفة أهم الأعمال الأدبية المصرية والعربية تؤكد علي ذلك، فمن منا لا ينسي ملامح أهم أبطال جيلنا أدهم صبري ورفعت اسماعيل!.
"البساطة والهدوء والإبداع".. ثلاثة صفات تميز بها إسماعيل دياب، وورثها عنه إبنه وائل، والذي ورث أيضًا عنه مهنة الرسم، وقد استقبلنا وزوجته السيدة ريهام قنديل، ابنة الفنان محمد قنديل، صديق إسماعيل دياب، واللذان سافرا سويا إلي ألمانيا عام 1978، وذلك للمساهمة في ترميم كاتيدرائية سيلزبيرج العتيقة، وكان برفقتهم الصديق الثالث، الفنان عبد الغفار شديد، ليحكيا لنا عن ذلك الفنان الذي غادرنا بجسده، ولكنه لايزال يعيش بأعماله.
ولد إسماعيل دياب في الرابع عشر من ديسمبر من العام 1936 في مدينة الإسماعيلية، ينتمي لاسرة بسيطة، كأغلب الأسر المصرية، لدية من الأشقاء ثمانية، أشهرهم الأديب محمود دياب، داعبته الموهبة منذ الصغر، فقد كان رسامًا بالفطرة، لم يخرج طيلة صباه من محافظته، وعقب حصوله علي شهادة الثانوية عام 1958، انتقل إلي ليلتحق بكلية الفنون الجميلة، ليتخرج عام 1962 من قسم التصوير، وبعدها عمل بعدة مؤسسات صحفيه مصريه كرسام صحفى، ومخرج فنى للكتب والمجلات، ثم كمستشار فني في اخبار اليوم وروزاليوسف عام 1958، والدار القومية للطباعة والنشر أعوام 1962 و1968، وهيئة الكتاب أعوام 1968و1973، والاهرام أعوام 1974 و1978، ثم دار المعارف و مجلة أكتوبر أعوام 1979و1996.
"الفنان الحقيقي ليس من يحصل علي ميدالايات وجوائز بل انه الذي يحترم الدرب الذي يسير عليه".. تلك كانت مقولة اسماعيل دياب الخالده، والتي جعلته لا يرضي مغادرة مصر رغم تلقيه العديد من العروض المُغرية، فعكف طيلة عقود طويلة علي تقديم المئات والآلاف من الأعمال الفنية لأغلفة أهم الروايات والمؤلفات المصرية، كما قام برسم العديد من القصص والسلاسل الأشهر للأطفال، إضافة إلي الشخصيات التاريخية في عدد من الموسوعات، والتي من اشهرها علي الإطلاق سلسلة روايات مصرية للجيب، علي رأسها رجل المستحيل، ملف المستقبل، فارس الأندلس، المكتب رقم 19، زهور، سيف العدالة، كوكتيل 2000، مغامرات ع*2ـ وغيرها.
لم يكن لإسماعيل دياب عمل أخر، لم يهتم بتنظيم المعارض أو الظهور الإعلامي، كان فنانًا بكل ما تحملة الكلمة من معني، فقط يجلس في غرفته، حاملا فرشاه وألوانه، ليرسم علي لوحته البيضاء ما يشعر به وما يحسه وجدانه، لذا خرجت تلك الرائعة الفنية التي رسمها في السادس من يونيو عام 1967، تلك اللوحة التي عبرت عن نكسة يونيو بكل ما تحمله من حب وعتاب وموت وخوف ووحدة، لذا تمكن من مداعبة خيال مختلف الأجيال، بل تخطي جيله وعصره ليصل إلي جيل تلك الألفية الثالثة، فأضحي فنه في يد الجميع، يقرأ ويتخيل تلك الأشخاص التي خرجت من وحي خيله، حتي أضحي شخصيات مثل أدهم صبري، رفعت اسماعيل، نور الدين محمود، شخصيات من لحم ودم نرتبط بها.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية