حيوان لاحم، يستوطن البحار والمحيطات والقليل من الأنهار، وصفوه بعاشق الإنسان البحري، رغم أنه كالخفافيش لا يري، دائمًا ما نجده يُسرع الخطى لنجده كل غريق، الأكثر من ذلك أنه حيوان مرح خفيف الظل، يفضل اللعب واللهو مع الإنسان، دائمًا ما يصنع المقالب والطرائف كشكل من أشكال المزاح.
تُعد الدلافين من الحيوانات البحرية المتفردة، فهي رغم انها كائنات لا تري، إلا إنها تعتمد في غذائها علي الصوت في صيد الفرائس، اعتقد علماء البحريات قديمًا أن ذلك الحيوان يميل إلي البرية كثيراً، رغم عدم قدرته للعيش فيها، ويري بعض العلماء أنه كان يمتلك أقداماً منذ ملايين السنين تساعده علي الانتشار علي سطح الأرض، خاصة وأن الهيكل العظمي له يحتوي علي عظمتين صغيرتين علي شكل عود صغير في جوانبه الخلفية، مم جعلهم يعتقدون أنها من بقايا الأقدام.
"البحر الأحمر ثاني أكبر مستعمرة للدلافين في العالم".. تلك كانت المعلومة أكدها علماء الحياة البحرية، حيث أن الدلافين تنقسم إلي 40 نوعًا حول العالم، منهم ثمانية أنواع ينتشرون بالبحر الأحمر، وبنسبة تجعل مصر ثاني دول العالم التي يتواجد بها تلك الكائنات المرحة، علي رأسها الدلفين أحدب الظهر، وذو الأسنان الخشنة، رايسو، ذو الأنف القاروري، المنقط الأستوائي، والشائع، والمخطط، والدوار.
"الدولفين".. حيوان ثدي مائي من رتبة الحيتانيات، له صلة قرابه بخنازير البحر، وعادة ما يفضل المناطق الهادئة، وقليل منهم يختارون العيش بالقرب من السواحل لقربها من الإنسان، يعتمد في غذائه علي الأسماك والقشريات والحبار، والقليل منه يُعد مفترساً، حيث يعتمد علي الثديات والطيور والأسماك الكبيرة في طعامه، وهذا النوع يمتلك أسناناً طويلة وحادة وقوية، قد يصل عددها إلي نحو 250 سنة، ورغم ذلك لا يعتبر خطراً علي الإنسان.
يعد الدلفين حيوان اجتماعي من الدرجة الأولي، فهو عادة ما يعيش في جماعات، ويمتلك كل فرد صوتًا، أو "صفيرًا" مميزًا، يتخذه كاسم له منذ ولادته، وكل جماعة منهم تتميز بالذكاء والمرونة والقدرة علي التكيف علي العيش والمواقف المختلفة، حيث يعيشون سوياً في مجتمعات تعاونية، ويقومون معًا بالدفاع عن النفس، والاعتناء بالمريض أو الجريح، وبمساعدة الإناث للأنثي أثناء ولادتها.
الدولفين لا يملك حاسة النظر علي الإطلاق، لكنه يعتمد علي صوته الحاد لتحديد مواقع السير وصيد فرائسه، كالخفافيش التي تصدر أصواتً عالية ليعود إليها صداها لتحديد اتجاه وبُعد الأشياء من حولها، كما أن هناك بعض الأنواع التي تُصدر أصواتًا مرتفعة تسبب حالات غيبوبة للأسماك الصغيرة والحبار الموجودين حول مجالها الصوتي، وهنا ينتهز الدولفين الفرصة لالتهام الأسماك التي تقع ضحية صوته العنيف.
ليس للدلافين سرعة عالية، بينما يعتمد علي ركوب موجات البحر السريعة في التنقلات للمسافات البعيدة، وفيها يقوم بعدد من الحركات البهلوانية التي يشتهر بها، وكثيراً ما نجده يلاحق موجات الزوارق السريعة، حيث تضخ الأمواج أثناء اندفاعها في الماء، ومنها يبدأ الدولفين بركوب تلك الموجات ليندفع أمامها.
أما عن الدلافين التي تعيش في مصر، فيأتي علي رأسها الدلفين ذو الأسنان الخشنة، ويتواجد بالمناطق المفتوحة والعميقة بالبحر الأحمر والخليج العربي، يعشق الغوص تحت سطح الماء حتى 70 متراً للبحث عن غذائه من الأسماك الصغيرة والمتوسطة، ولكنه أحياناً ما يلجأ إلي الرخويات إن لم يجد طعامه الرئيسي، ويعيش وسط مجموعات يتراوح أعدادها بين 10 و20 فرد، ويبلغ أقصي طول له 2.8 متراً، ويصل وزنه نحو 155 كيلوجرام، ويبلغ عمره حوالي 30 سنة تقريباً، ويمكن التعرف علي الدلفين ذو الأسنان الخشنة من خلال لون ظهره المائل للرمادي الداكن، والبطن الأبيض، والخط الوردي الممتد من أسفل العين حتى نهاية البطن، ويتطلب الإقتراب منه الحذر في حالة الرغبة في والتعرف عليه.
هناك أيضًا الدلفين ذو الأنف القاروري، وهو يشبه إلي حد كبير "ذو الأسنان الخشنة"، ولكنه يتميز بلونه الرمادي الفاتح، وأحياناً يميل للأسود في منطقة الظهر بالإضافة إلي زعنفة الظهر، ويصل أقصي طول له 4 متراً، ووزنه قد يزيد عن 650 كيلوجرام، ويعيش وسط قطيع قد يصل إلي نحو 200 دلفين، ويُعد النوع الوحيد الذي يمكنه العيش وسط قطيع دولفين أحدب الظهر، ونراه يتغذى علي أنواع عديدة من الأسماك والقشريات والرخويات بأحجامها المختلفة، كما يمكنه الغوص لمسافة تصل أحياناً الي 600 متر تحت سطح البحر، ولمده 8 دقائق، وسرعتها تصل الي 30 كيلومتراً في الساعة، ولسرعة تأقلمة وصداقته من الإنسان يُعد أكثر الدلافين الذي قام الإنسان بتربيتها.
أما الدلفين المخطط، فيعيش في مجموعات تبدأ من 8 أفراد وتصل حتى 120 فرداً، يفضل المياه العميقة والبعيدة عن الشواطيء، يمكنه أن يعيش حتى 57 عام، لونه رمادي داكن مائل إلي الأزرق، علي جانبية خطوط بيضاء، تبدأ من الفم وحتى الذيل علي شكل متعرج، له زعنفة مدببة لونها أزرق قاتم، كما يعتبر النوع الوحيد الذي يخجل من الإنسان فيدفعه إلي الإنطوائية، لذلك لا يملك الباحثون معلومات كافية عنه، لكنه عُرف قديماً بأنه ملهم الشعراء اليونانيين.
الدلفين رايسو، نوع أخر يشبه "الحوت الربان"، فلونه رمادي غامق، ويوجد به عدد كبير من الخطوط البيضاء حول جسمه، لا يوجد لديه أنف بارزة في مقدمة الرأس، ويحيط به عدد من الخدوش الكثيفة نتيجة عضات الحبار الذي يعتبر غذائه الأساسي، بالإضافة إلي الأسماك والقشور، ويبلغ أقصي طول له نحو 4.8 متراً، ويصل وزنه إلي 500 كيلوجرام، يعيش وسط مجموعات تبدأ عددها بين 3 و30 دلفين، وعادة ما يتواجد بالبحار العميقة والمحيطات وحول الجروف القارية، وقد سجل وجود هذا النوع بالبحر الأحمر، خاصة بالمناطق العميقة.
الدلفين أحدب الظهر، نوع غالباً ما يتواجد بالقرب من الشواطيء، ويعتبر أكثر الدلافين الشائعة التي تظهر كثيراً للناس بالبحر الأحمر، خاصة في الخلجان وحول الجزر ومناطق أشجار الشورى، يبلغ طول الأنثى نحو 2.5 متر، وطول الذكر نحو 3.2 متر، كما يصل وزنه إلي 284 كيلوجرام، ويعتبر الأكثر مرحاً ورفاهية للإنسان، يعيش في مجموعات تصل إلي أكثر من 20 دلفين، ويشبه دلفين "ذو الأنف القاروري"، إلا أنه يتميز عنه باللون الفاتح، وشكل زعنفته الظهرية، كذلك شكل رأسه، أما عن غذاءه، فيعتمد علي الأسماك والرخويات والقشريات بشكل أساسي.
الدلفين الشائع، أحد أكثر الدلافين في البحر الأحمر، يتميز عن باقي الأنواع برأس داكنة اللون الممتد حتى خلف زعنفته الظهرية، مع وجود اللون الفضي المائل للأبيض علي جوانبه وبطنه والممتدة حتى الذيل، كما يوجد خط أسود متعرج بمنطقة الفك السفلي والممتدة حتى الزعنفة الأمامية، يعيش وسط قطيع يصل عددها نحو 30 دلفين، ويُعد أكثر الدلافين التي تركب موجات القوارب والسفن السريعة، يصل طوله إلي 2.6 متراً، ووزنه 136 كيلوجرام، وسرعته 65 كيلومتر في الساعة، ويمكنه الغوص حتى 280 متراً تحت سطح الماء لمدة 8 دقائق متواصلة.
الدلفين المنقط الاستوائي، لا يتعدى طوله عن 2 متراً، وأكثر وزن له 120 كيلومتراً، ويعيش حتي 45 سنة، ويمكنه السباحة بسرعة تصل حتي 40 كيلومتر في الساعة، ويعيش بالمناطق الاستوائية في البحار والمحيطات المفتوحة، لكنه أحياناً يدخل بالأماكن شبه المغلقة كالبحر الأحمر، ويعيش في وسط قطعان تزيد عن 100 دلفين، ويمكنه العيش وسط أنواع أخري من الدلافين، أو أسماك التونة حول الشواطيء، وتعتبر الأسماك والحبارات التي تعيش علي السطح غذائه الأساسي، يتميز بظهر رمادي داكن، وبطن رمادي فاتح، كما يوجد بياض حول مقدمة المنقار والفك السفلي الممتد حتى الزعنفة الأمامية، بالإضافة إلي النقط البيضاء الموجودة علي جسمه.
أما الدلفين الدوار، فقد أطلق عليه هذا الاسم نظراً لأنه يدور حول نفسه أثناء القفز فوق سطح الماء، وليس هناك أي دليل يوضح لنا سبب ذلك، لكنه يعرف بأكثر الدلافين التي تعشق اللعب، وقد لاحظ العلماء أنها تخصص أوقات مناسبة للعب، ويصل طوله نحو 2.7 متراً، ويعتبر من الأصغر حجماً، حيث يزن 77 كيلوجراماً فقط، وسرعته تصل إلي 20 كيلومتر، وعمرة 20 عامًا، يتميز بلون الظهر الرمادي القاتم، والبطن الأبيض، مع وجود خط رمادي فاتح متعرج علي الجانبين، كما يوجد نتوء أسفل الذيل التي تشبه الزعنفة.
مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية