بعد منافسة مع 177 تصميم معماري لـ42 دولة

خمسة مصريين يفوزون بجائزة "رفعة الجادرجي" العالمية للتصميم المعماري

في سابقة هي الأولي من نوعها، تمكن فريق مصري من الفوز بالمركز الأول لجائزة مؤسسة تميُّز للعمارة لسنة 2020، والتي تعد أحد أرفع الجوائز الدولية في مجال التصميم المعماري، وتحمل إسم المهندس معماري والفنان التشكيلي العراقي "رفعة الجادرجي"، وكان يرأس لجنة التحكيم الخاصة بها في عام 2012 المعمارية العالمية الراحلة زها حديد، وقد قدمت جائزة هذا العام لموضوع يحمل عنوان "جسر مشاة حي فوق نهر النيل"، وذلك من خلال الحصول على تصاميم تقوم بربط ميدان التحرير بجزيرة الزمالك في القاهرة.

 

أما عن الفريق المصري المكون من خمسة مهندسين، والذين حصل تصميمهم "ملاذ التنفس" علي الجائزة الأولي كأفضل تصميم، وذلك بعد منافسة مع 177 تصميم تم تقديمه من 42 دولة حول العالم شاركت في تلك المسابقة، فيتكون من علي خالد عليوه، المدرس المساعد بقسم العمارة، كلية الفنون الجميلة بالزمالك، جامعة حلوان، وابتسام الجيزاوي، المدرس بقسم العمارة، بنفس الكلية والجامعة، ومصطفى أحمد زكريا، المعيد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وشريف خالد عبد الخالق، المعيد بقسم العمارة، الأكاديمية البحرية، وهدى عصام عبد المولى، الباحثة بنفس الأكاديمية بقسم العمارة، بالأسكندرية.

وطبقًا للنتيجة النهائية، تُعد هذه هي المرة الأولي في تاريخ مسابقة "رفعة الجادرجي" للتصميمات المعمارية التي يفوز بها معماريون مصريون بالمركز الأول، بالإضافة إلي أن نفس الفريق فاز بجائزتين أخرتين عن المشروع، حيث فاز الفريق بإجماع آراء لجنة التحكيم، بالإضافة إلى جائزة اختيار المجتمع المعماري عن نفس المشروع.

 

أما عن المشروع الفائز فالهدف منه تعظيم المسطحات المخصصة للمشاة على نهر النيل، وذلك من خلال ربط النسيج العمراني لضفتي النيل، وقد نتج الشكل النهائي لجسر المشاة كمحصلة لمسارين رئيسيين، الأول خطي رئيسي يصل بين المتحف المصري و برج القاهرة بشكل مباشر، مرورًا بشجرة الزمالك التاريخية، بدون أي عوائق بصرية، في حين يحتضن الثاني ضفتي النيل، الضفة الشرقية حيث الأرض التي كانت تضم الحزب الوطني الديموقراطي السابق بالقرب من ميدان التحرير، والضفة الغربية التي تقع في حديقة المسلة بجزيرة الزمالك، وقد تم تصميم المسار الثاني بطريقة هندسية تجعله محببا للمارة، ملئ بعناصر الجذب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.

وقد تم دمج كلا المسارين لتشكيل حديقة حضرية كبرى تمتد أعلى النيل لتصل وتربط جانبيه، تلك الحديقة تخفي أسفلها طابقين أعلى النيل يحتويان على أنشطة وأحيزة ثقافية، ترفيهية، اجتماعية، بالاضافة إلى المحلات التجارية والمطاعم التي تطل مباشرة على النيل، كما تم مراعاة الارتفاع بحيث يسمح بمرور الملاحة النهرية.

 

الأعمدة التي تحمل الجسر صُممت بحيث تسمح بالإتصال البصري بين الفراغات الداخلية بطوابق الجسر وبين النيل والمعالم المعمارية المحيطة، كما أنها تتيح القدر الكافي من التهوية والإضاءة الطبيعية، أما بالنسبة للحديقة العلوية أعلى الجسر، فقد تم استخدام أشجار الأكاسيا لتوفير المساحات المظللة، كما أن الأرضيات الخارجية تسمح بنمو العشب، خاصة وأن المسارات تم تصميمها وفقا لتدفق حركة المشاة في الموقع، ما جعل المشروع يتحول إلى متنفس أخضر لمدينة القاهرة.

من أجل تحقيق أهداف المشروع، من المقترح تحويل مئتي متر طولي من طريق كورنيش النيل إلى نفق سفلي، بالإضافة إلي تعديل مخرج كوبري اكتوبر الواقع بين المتحف المصري وكورنيش النيل، وذلك بغرض إقامة حديقة متدرجة متصلة كليا بنهر النيل، تُسمى بصرح النيل العظيم، تلك الحديقة من المفترض أن تقع في الأرض الخاصة بالحزب الوطني الديموقراطي سابقا، وتعتبر الحديقة نواة لفراغ عام يصلح للاحتفالات الكبرى المطلة كليا على النيل، كما أنها ستُعد امتدادًا طبيعيًا لحديقة المتحف المصري.

 

ويُعد هذا المشروع نواة حقيقية لتحقيق مبادئ التنمية المستدامة، كما أنه يعظم من أهمية حركة المشاة، ويوفر مسطحات مطلة على النيل تخدم الإنسان، بجانب تحقيقها للعائد المادي والاجتماعي، لذا من المتوقع أن يساهم المشروع في إعادة إحياء المتحف المصري بميدان التحرير، حيث يوفر المقترح مسار مباشر بين المتحف المصري والنيل، كما يعيد إيجاد العلاقة التاريخية المفقودة بين المتحف المصري والنيل.

أما عن الأسباب التي دعت لجنة التحكيم لإختيار ذلك المشروع، فقد وجدت لجنة التحكيم أن التصميم أنيق، وأنه استطاع توفير منفذ سهل نحو وخلال نهر النيل، وإنه يمتلك انسيابية في التصميم، ووضوح في التصميم، وذو مساحات جميلة للمناسبات الاجتماعية، كما أنه لا يشكل معوقاً بصرياً، ويمكن وصف طبقاته الثلاثة بالمعقدة البسيطة، خاصة وأن النظام الهيكلي يتوافق مع متطلبات الملاحة النهرية، فنري التصميم يعانق الجزء الخاص به من النهر، ويقوم بتعزيز الحياة داخل حدوده، فتبدو البلازا في بداية الجسر، في الجانب الشرقي أكبر وأكثر اتساعاً لتأكيد الأهمية النسبية لهذا الجانب، بينما تكون البلازا، على الضفة الغربية، صغيرة وتتوافق مع الخصائص الواقعية لهذه المنطقة.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية