أنا مصاب.. أنا غير مصاب

مثلما تري حادث سياره في الطريق فتتفلسف في السبب وتترحم علي المصابين، ولكن لا تتخيل نفسك داخل هذه السياره التي انقلبت بعد اصطدام، كلنا نري انفسنا خارج نطاق الحدث والحادث، الي ان تكون انت قلب الحدث وانت الحادث، كان هذا احساسي وانا استقبل نتيجه اختبار مسحه  covid-19، عندما قيل لي انها ايجابيه، بالرغم من أنه لا توجد لدي أعراض مرضيه سوي بعض آلام العضلات.

 

من وسط المشاعر السبعه التي قرأت عنها، الصدمه ثم الانكار يليها الغضب والمساومه ثم الاحباط وأخيرًا القبول والاستسلام ، وجدت نفسي أعيش في مساحه الغضب قافزًا علي الصدمه والإنكار بحكم تفكيري العلمي ومنهجي الفكري، كانت النتيجه ايجابيه فأعدت التحليل واجريت اختبارات الدم، والأشعه المقطعيه علي الرئتين وتأكدت، وبما أني لا أساوم فيما هو علمي ولا أحبط بسهوله، لأني رجل متفائل بطبعي، ولا أستسلم تحت أي ظروف، فقد وقعت فريسه الغضب فقط من وسط الشاعر التي يحس بها الآخرين، ليس الغضب من أحد ولكن غضبا لا أعرف مصدره.

 

ولأني أنا هو من يرفع معنويات من حوله ، او هكذا ينتظر مني الجميع، فكان لزاما علي أن لا أظهر هذا الغضب، ولا أشارك فيه أحدًا، وهو ما يزيده حده، وقد ينقلني إلي الإحباط الذي لا يجد مكانا له عندي بسهوله.

 

بعض الناس تخفي إصابتها ولا أعلم لماذا، وكأن الإصابه وصمه، وبعض الناس تعلن عن إصابتها لإحتياجها المساعده، أو الوساطه لدخول مستشفي، أو إيجاد علاج، حيث أصبحت الأمور صعبه وشحيحة، وبعض الناس تحب سؤال الآخرين عنها في مرضها حيث يشعرها ذلك بأهميتها، رغم إنها أحيانا مجاملات بلا معني حقيقي، وبعض الناس يتضايق من تدخل الآخرين في شئونها بالسؤال المتكرر عن الحاله والعلاج، ثم محاولات التخفيف السطحيه واللجوء إلي الإراده الإلهيه للشفاء، انا لست أي واحد من هؤلاء.

 

تذكرت ما كنت أقوله لنفسي وأنا شاب صغير بلا خبره، من أنه صعب علي أي إنسان الإرتفاع لمستوي ظني به عندما أحبه، حيث تقول نظريتي القديمة، والتي حمتني عبر السني، لا أنتظر أي شئ من أي مخلوق في أي وقت، تحت أي ظروف.

 

وكل ما يأتي من الخرين اعتبره هديه غير منتظره، أفرح بها وأشكره عليها، وبذلك لا أحزن، ولا أغضب، ولا ألوم، ولا أعاتب، وقد ثُبت لي أن هذا يخلق وحده، ولا يتناسب مع تدفق مشاعري الإيجابيه تجاه كل من حولي، أعود إلي غضبي غير المبرر من إصابتي بفيروس كورونا، وكأني من المفترض أن أكون محصنا لأني آخذ كل احتياطاتي والوذ بكل وسائل الحذر، خوفي علي من حولي، وعلي أسرتي وأحفادي، قد يكون مصدر غضبي من أن أكون أنا الذي يحمي في العاده، مصدر الإصابه.

 

هذا الفيروس ضعيف وحقير، لأنه يسرق الحياة من خلايانا، ويتكاثر من خلال حياتنا، ويؤدي الي هلاك الآلف من المعرضين بحكم سنهم أو مرضهم أو قله امكاناتهم في مقاومته، أنا غضبان من الساسه والحكام الذين جروا الإنسانيه إلي هذا الضعف أمام هذا المرض، ننفق الأموال بل حدود علي القتل والحروب، والمليارات لإستإيعاب المهجرين، وبحوث لجعل القنابل والأسلحه أكثر تدميرًا، موازانات يمكن أن توفر لكل البشريه و الإنسانيه حياه كريمه.

 

غضبي إننا احتجنا إلي وباء لنكتشف أن الأرض تستطيع أن تتنفس بدون ملايين الدولارات تنفق للحفاظ علي البيئه بمجرد أن نتوقف نحن عن تدمير البيئه، غضبي أننا احتجنا للوباء لنعلم أن ساكني العشوائيات والمناطق الفقيره لا يستطيعون التباعد الإجتماعي لان حتي منازلهم لا تسمح بذلك، غضبي أن العالم في اللحظه التي احتاج فيها القياده الجماعيه، تفٓرق، وإن قيم الدول التي نادت بالعولمة سقطت، وإن غباء القاده السياسيين يأخذ البشريه لمواجهات بين الأقوياء، وليس للتعاون والتفاهم والعمل كفريق، كلها مشاعر تجمعت داخلي عندما علمت بإصابتي بالمرض، رغم حيطتي وحذري، ورغم علمي ومنهجي.

 

"أنا غير مصاب"

 

وكما بدأت هذا المقال بأننا إذا رأينا حادثًا فلا نتصور أنفسنا فيه، فإننا بعد إعداد النفس والنفسيه، وتركي المجال لغضبي من الداخل، إتصل بي المسئول عن المعمل الذي آجري الاختبار والمسحه التي أكدت إصابتي طالبًا اعاده الإختبار، والسبب في ذلك أن نتيجه اختباري كانت في الحقيقه ايجابيه بدرجة ضعيفة، بحثت في المراجع عن ذلك فلم أجد، ووافقت علي إعاده الفحص والمسحه لي ولزوجتي، وللعجب أكد إعاده التحليل أن زوجتي مصابه، وأن اختباري سلبي!

 

سألت الدكتورة مؤمنه كامل فردت قائله: د حسام، أولًا سلامتك وسلامه زوجتك، لا يوجد نتيجه اسمها weak positive K، لأن الاختبار يتم علي SARS family، والتي تحتوي علي covid-19، والتي تُعد أحد أفرادها والإختبار الثاني علي N gene، والذي تم التعرف عليه لـ covid-19 في بعض النتائج، وهذا يعني أن الإثنين + وفي حالات يتلق فقط الـ N gene هي فقط + والأخيره بتبقي الأعراض قليله جدًا، لدرجه أن المريض لا يشتكي، ولكن يفضل إنه يبقي في المنزل لمده تعدي فتره حضانه المرض، السؤال التاني، ما تم في تفسير نتيجتك مع احترامي ده كلم غير علمي لاننا نقوم بعملPCR  وليس Sequencing، وبالنسبه لزوجتك، أفضل انها تبقي في البيت مع عمل الإحتياطات، علي أن تهتم بتناول السوائل والڤيتامينات، ولا تقلقل، لاني لا أفضل إن تزيد أي من الأدويه خاصه أنه لديها بروتوكول دوائي مستمره عليه من بعد عمليتها الجراحية،، وباذن الله سليمه.

 

إذن انا لست مصابًا ولكني مخالطًا، وطبعًا ولمده ٥ أيام، بعدما تعاملنا أنا وزوجتي اإنا مصابان فلم يكن بيننا حواجز ولا عزل، والآن، وبعد مرور عشره أيام لم تظهر أعراض ، ولم تتحول الأجسام المضاده في جسدينا إلي ايجابي، وما يثير الحيره ان كل البروتوكولات غير مؤكده التأثير، ولكن نصيحتي للجميع أن يتجنبوا المستشفيات إلا في الضروره القصوي.

 

في النهايه، وبحكم خبرتي المهنيه فأن حديه تأثير الفيروس ستنخفض، وإنه سيتم التعامل معه بعد حين ككل أنواع الأنفلونزا العاديه.، والنتيجه النهائيه لا أحد يعلم شيئًا، خصوصا بعد اصدارات منظمه الصحة العالميه المتناقضه.

الدكتور حسام بدراوي/ أستاذ بكلية الطب جامعة القاهرة، وسياسي أسس حزب الإتحاد

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية