هل شوهت الحملة الفرنسية وجه أبو الهول؟!

معركة إمبابة.. طريق نابليون بونابرت الي القاهرة

منذ 222 عامًا مضت، وتحديدًا في الواحد والعشرين من شهر يوليو من العام 1798، وبمجرد أن أنتهت المعركة المحتدمة بين المماليك بقيادة مراد بك وإبراهيم بك، وجيوش الحملة الفرنسية بقيادة الجنرال نابليون بونابرت، والتي انتهت بهزيمة المماليك في الصحراء الممتدة ما بين مدينة إمبابة والأهرامات، وقف نابليون أمام تمثال أبو الهول مُعلنًا إنتصاره.

 

بعض المؤرخين أطلقوا علي تلك المعركة اسم معركة إمبابة، والبعض الأخر أطلق عليها اسم معركة الأهرامات، خاصة أن جيش مراد بك كان يمتد من أطراف مدينة إمبابة القديمة حتي هضبة الأهرامات بغرب النيل، في حين تمركز جيش إبراهيم بك أهل العاصمة على الشاطئ الشرقى للنيل يراقبون ما يحدث فى الغرب، وذلك طبقًا لما ذكره المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي، في كتابه عجائب الآثار في التراجم والاخبار.

كثيرًا ما أتهم نابليون بونابرت وجيشه بأنه السبب الأول في تدمير أنف أبو الهول، بل أن دراسات تاريخية لبعض المؤرخين، وعلي رأسهم الدكتور محمد عبد الكريم الوافي، والذي أكد في دراسته التي جاءت تحت عنوان "منهج البحث فى التاريخ والتدوين التاريخى عند العرب"، أن مدفعية نابليون شوهت وهشمت بقذائفهما فى معركة الأهرام أو معركة إمبابة أنف أبو الهول، في حين يري المؤرخ أيمن أبو الروس في كتابه "شخصيات لا ينساها التاريخ: نابليون بونابرت.. إمبراطور فرنسا الذى اكتسح أوروبا"، أن ابو الهول تعرض لقذيفة فرنسية طائشة، وهو ما يرفضه الكثير من المؤرخين، خاصة وأنهم يعتقدون أن تلك المعركة دارت فى منطقة إمبابة بالقاهرة التى تقع على مسافة بعيدة إلى حد ما من منطقة الأهرامات.

الغريبة أن المؤرخ المصري "تقي الدين المقريزي"، وقبل معركة الأهرام بأكثر من ثلاثة عقود ونصف، ذكر في كتابة "المواعظ والاعتبار"، أن من كسر أنف أبو الهول شخص يدعى محمد صائم الدهر، فاطمى وكان متصوفًا متعصبًا، يعتقد أن الآثار أوثان يجب هدمها، حيث قال نصًا: "وفى زمننا كان شخص يعرف بالشيخ محمد صائم الدهر من جملة صوفية الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء قام فى نحو من سنة ثمانين وسبعمائة لتغيير أشياء من المنكرات وسار إلى الأهرام وشوه وجه أبى الهول وشعثه فهو على ذلك إلى اليوم".

 

أما عن معركة إمبابة نفسها، والتي تُعد أحد أبرز الأحداث التي مهدت لنابليون بونابرت الطريق لغزو مصر، فعلي الرغم من شجاعة جنود وفرسان المماليك وبأسها، إلا أنهم لا يجيدون سوي مهارة حروب الشوارع، وهي نفس طريقتهم التي تعودوا عليها في حروبهم ضد بعضهم البعض، أو في معاركهم ضد من يتمرد عليهم من الأهالي، أو من جنود الوالي العثماني، وفي نفس الوقت لم يجيدون أي من أساليب القتال النظامي، حتي أنهم مازالوا يعتمدون علي الخيالة، ويحاربون بإسلوب العصور الوسطي، غالبًا ما تفتقد للتكتيكات العسكرية الحديثة، والآسلحة الحديثة كالمدفعية، بعكس الجيش الفرنسي الذي كان يمتاز بالمشاة المدربة وعدد كبير من القطع المدفعية، بالإضافة إلى قائد عسكري عبقري ممثلا في نابليون بونابارت نفسه.

"تاريخ 40 قرناً من الزمان يتطلع إليكم من خلال هذه الأهرام".. هكذا صرح نابليون بونابرت في جنوده محفزًا، وقف صبيحة الواحد والعشرون من يوليو عام 1798 يخطب فيهم، ففي الوقت الذي كان يعتقد فيه مراد بك أن القوات الفرنسية لن تكن لديها القدرة على الهجوم بالأجنحة، وإنهم سيضطرون لمواجهة جيشه وجها لوجه، وأنه سينجح في صدهم وبالتالي هزيمتهم ومطاردتهم في الصحراء، كان بونابرت قد قرر بل ونفذ بالفعل عدد من الهجمات الوهمية، والتي نجح خلالها في الاستيلاء على مدفعية المماليك، ما أجبر مراد بك علي الهجوم دون أدني تخطيط، وعندما تقدم فرسان المماليك على صهوة جيادهم، كانت المدفعية لهم بالمرصاد.

المصادر والمراجع:

1- مجموعات من قصر فرساي (Collections du château de Versailles)

2- لويس فرانسوا بارون ليجون (Louis François Baron Lejeune)

3- البارون أنطوان جان جروس (Antoine-Jean Gros)

4- جان ليون جيروم (Jean-Léon Gérôme)

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية