عرفه المصري القديم وطوره اليونانيين

"اسمه إيه".. فريق مصري من الشباب يُعيد إحياء فن البانتومايم

منذ عشرة سنوات مضت، وتحديدًا أحد أيام صيف عام 2008، وقف علي مسرح الجامعة يقدم هذا النوع العجيب من الفن، لا يعلم لماذا استهواه، فقط شعر أنه يمكن أن يعبر عن ما يعانيه من قضايا كشاب في مقتبل العمر، تمكن بمهاراته الجسدية أن يلفت نظر زملائه بالجامعة، إلتف حوله عدد كبير من الطلبة، ولكنهم لم يفهموا ما يقدمه، وبمجرد أن إنتهي من عرضه بادروه قائلين، اسمه إيه الفن ده، فضحك ساخرًا، اسمه البانتومايم.

 

تساؤلات الجمهور لـفنان عروض "البانتومايم"، أو ما يمكن تسميته بفن الحركات الايحائية، أحمد برعي، جعلته يؤسس تلك الفرقة بمساعدة أبناء عمه، بل وأطلق عليها أسم فرقة "اسمه إيه"، وبدأ في التجول في شوارع القاهرة والمحافظات المختلفة، في محاولة لأعادة إحياء هذا الفن من ناحية، والتعبير عن هموم ومشاكل المجتمع المصري، ومحاولة تقديم حلول إيجابية من ناحية أخري، وذلك دون أن يتفوه بكلمة واحدة.

في عام 2011، وبعد ثلاثة سنوات من تأسيس الفرقة، إجتمع أحمد برعي ببطلة الفرقة الثانية، صفاء محمدي، لينضم بعد ذلك عضوين رئيسيين وهما، مروة الحصري وأحمد ناصر، ومنذ ذلك التاريخ طرأت عدد من الظروف والمشاكل، أدت إلي توقفه، ثم عودته من جديد وبشكل أقوي، وحاليًا يستعدون لإجتذاب العديد من الفنانين والراغبين في تعلم هذا الفن، وتدريبهم بشكل محترف.

 

وفقًا لمؤسس فريق "اسمه إية"، يُعد فن البانتومايم، أحد الفنون سهلة التقديم، كما أنه لا يحتاج إلي خشبة مسرح مغلقة أو مجهزة، فأي موقع يصلح لتقديم هذا الفن، سواء في الشوارع، أو داخل محطات المترو، أو حتي فوق أسطح المنازل، وأنهم بدأوا بالفعل في تنظيم عدد كبير من ورش التدريب لنشر فن الحركات الايحائية.

منذ أكثر من نصف قرن مضي، وتحديدًا في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، بدأ الفنان والممثل أحمد نبيل في تقديم فن "المايم"، لذلك يلقبه الخبراء برائد فن البانتومايم في مصر، فقد عشق تقليد الفنانين المشاهير منذ كان صغيرًا، فقام بتقليد شارلى شابلن، وأبوت وكيستلو، وقدم عروضًا في مدرسته وجامعته، كما أنه ذهب في بعثه إلي الإتحاد السوفيتي لدراسة علوم البانتومايم، وفيما بعد ذهب إلي جمهورية أذربيجان ليخرج عدد من الأعمال المسرحية لفن البانتومايم، حتي أصبح مصنفًا عالميًا كأحد أفضل عشرين فنان مايم حول العالم.

 

الكثير من الدراسات والأبحاث التاريخية، أكدت أن فن البانتومايم ذو أصول فرعونية، وأن هناك أدله نُقشت على جدران المعابد المصرية القديمة، وأن الفنانين المصريين عبر العصور المختلفة نقلوا هذا الفن الراقى إلى دول العالم الغربية، خاصة وأن الطريقة السهلة لأداء هذا الفن، باعتبار أن لغة التمثيل الصامت هي لغة عالمية يسهل فهمها، ساهم في إنتشاره، رغم أنه فن لا يحقق أي عائد مادي يُذكر.

أما عن فريق "اسمه إيه"، فقد قرر أن يواجه المشاكل الإجتماعية، والتي يعاني منها عموم الشعب المصري، كمشاكل الرفض الإجتماعي، والتهميش، والفقر، والبطالة، ما جذب أعداد غفيرة من الجمهور للإستمتاع به، رغم اضطرارهم للهروب من روتين مسارح الدولة، وأسعار المسارح الخاصة المرتفعة، إلي الشوارع والساحات المفتوحة لتقديم فنهم، حتي يتمكنون مستقبلًا بإنشاء مسرحهم الخاص.

 

ظهر فن البانتومايم بشكله الحديث منذ قرون بعيدة، والكلمة نفسها مصطلح من شقين، وهما "بانتو"، وتعني باللغة اليونانية الإبهار، و"ميمو"، وتعني يُقلد، أي أنها تعني مجتمعة بـ"الإبهار المُقلد"، وصاحب هذا الفن يُطلق علية اسم، فنان إيحائي، وهو يختلف عن الفنان الصامت بمعناه، ورغم أصلة المصري القديم، إلا أن الفضل يعود لليونانيين لتطويره وإنتشاره، بل وقاموا بتقديمه علي المسرح.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية