رحلة خاصة لـ"إيجيبشيان جيوغرافيك"

"جبل علبة".. واحة في الجنوب

في أقصي جنوب الصحراء الشرقية، وتحديدًا في الجزء الشرقي لمثلث حلايب وشلاتين، وعلي مساحة أكثر من 35 ألف كيلو متر مربع، تقع واحدة من أجمل المحميات الطبيعية في مصر، فعلي أرضها يمتزج التاريخ بالطبيعة بالحياة البرية والبحرية والثقافية، لتصنع لوحة برية لا مثيل لها في مصر.

 

"محمية علبة الطبيعية"، والتي أُعلنت كمحمية طبيعية عام 1986، لما تحتويه من تنوع نادر الوجود في منطقة واحدة، حيث يتواجد علي أرضها ما يقرب من 23 نوع من الحيوانات البرية، والتي يعتبر عدد كبير منها مهدد بالانقراض، مثل الغزال والجمال والتيتل والكبش الاروى والوبر وقط الرمال النمر الأفريقي، بالإضافة إلي 40 نوع من الزواحف، كما ويحلق في سمائها أكثر من 173 نوع من الطيور المهاجرة، علي رأس قائمتها النسر الأفريقي.

أهم ما يميز محمية جبل علبة، الطبيعة لبحرية، حيث تمتد بشكل طولي علي شاطئ البحر الأحمر، وبعرض يتراوح ما بين 15 كيلو متر و25 كيلو متر، لذا فهناك عدد ضخم من اللافقاريات البحرية في مياة البحر الأحمر، وما يقرب من 123 نوع من الشعاب المرجانية الرخوة والصلبة، وخمسة أنواع من السلاحف البحرية، أهمها السلحفاة الخضراء، والسلحفاة الزيتونية، والسلحفاة صقرية المنقار، السلحفاة ضخمة الرأس، وسلحفاة المحيط جلدية الظهر، كما ينمو داخل تلك البيئة نوعين من أشجار "المانجروف"، وهما "Rhizophora mucronata"، و"Avicennia marina"، وتتركز تلك الأشجار في عشرة مواقع رئيسية.

 

أما عن التنوع النباتي، فعلي سلاسلها الجبلة العديد من العيون وأبار المياه العذبة، بالإضافة إلي الأمطار التي تنهر نهاية كل عام، لذلك تحتوي محمية جبل علبة علي العشرات من النباتات الاقتصادية، حيث يصل عددها إلي ما يقرب من 350 نوع من النباتات، تمثل 14% من الفلورا المصرية، مما أوجد الكثير من الأنواع النباتية ذات الأهمية الاقتصادية، مثل السيال، السمر، العشار، القرض، الفيقوع، الشوش، المايط، الارى، شجرة الغزال، الموكر، الهوك، الجتيا، الحجل، شاي الجبل، بلح السكر، الحنظل، الصبار.

تتكون محمية جبل علبة من ثلاثة قطاعات، الأول يُسمي "أبرق"، ويتميز بالأهمية التاريخية، فقد عُثر علي الكثير من الآثار الفرعونية والقلاع الرومانية والإسلامية، وتنتشر به العديد من الوديان التي تمتلئ بالنباتات الطبية، ومنها وديان العرقة، عيقات، الجاهلية، الامريت، قمبيت، وأبو سعف، كما انه مرعي خصب للعديد من الحيوانات البرية مثل التيتل والغزلان والوبر، ويعيش فيه الكثير من سكان القبائل، لما به من بعض موارد المياه من العيون والآبار العذبة التي يعيشون عليها، بالإضافة إلي وجود واحة نخيل بالمنطقة منذ قديم العصور.

أما المنطقة الثانية فتُسمي "الدئيب"، وهي عبارة عن مجرى مائي واسع، يمتد بطول حوالي أكثر من 100 كيلو متر جنوبا من السودان حيث يخترق الحدود المصرية السودانية، وذلك في المنطقة الغربية لسلاسل جبال علبة، ويجري في الشمال حتى يصب في البحر الأحمر، وتُعد تربته الأغرب علي الإطلاق، حيث أنها خليط ما بين التربة الطينية الرملية الملحية، لذلك تنمو به الكثير من النباتات وخاصة النباتات الحولية.

 

المنطقة الأخيرة، وتُسمي "علبة"، وهي سلسلة جبال تواجه الساحل الشرقي للبحر الأحمر، ينمو بها 350 نوعا من النباتات المختلفة، والتي تكون مساحات خضراء فريدة من نوعها فوق قمم جبال علبة ومنحدراتها حتى تخترق الوديان، سواء كانت نباتات دائمة أو حولية، أهمها أشجار الانبط، وهي أشجار مميزه لا توجد سوي في جبل علبة، وهي أشجار لحمية خضراء يصل طولها إلى 6 أمتار.

أما عن سكان جبل علبة، فيعيش فيها ثلاثة قبائل، يشكلون فيما بينهم جزء لا يتجزأ من البيئة المحلية، وهم قبيلة البشارية المنحدرة من أصول حامية، وتتحدث لهجة غير مكتوبة تسمي البيداوية، وقبيلة العبابدة ذات الأصول العربية، وهي تقطن المناطق الشمالية من المحمية، وقبيلة الرشايدة التي ترجع في أصولها إلى الجزيرة العربية، وهي تسكن السهل الساحلي، ويقدمون بعاداتهم وتقاليدهم المميزة التي تنفرد به تلك المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالحرف التي يمارسونها والتي تلاءم البيئة التي يعيشون فيها، مثل رعي الإبل الخاصة بهم، وإنتاج الفحم النباتي من الأشجار الجافة، وهو ما يسمى التفحيم، والصيد الذي يدخل في غذائهم، علاوة على التجارة في كل ما يتصل بإنتاج المنطقة وبعض الصناعات اليدوية مثل النسيج.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية