أول حديقة جيولوجية مصرية

"وادي العقبات".. قطعة من المريخ تسبح تحت أقدام ذراع المجرة

وصفها علماء الجيولوجيا بمتحف التاريخ الطبيعي للكرة الأرضية، كما وصفها علماء الفضاء والباحثين بالوادي الشبية بالمريخ، في حين وصفها علماء الفلك بسطح الكرة الأرضية الذي يكشف ذراع المجرة، ذلك الوادي الذي يغوص في قلب الصحراء البيضاء المصرية.

 

منذ أكثر 80 مليون سنة مضت، وعقب انحصار بحر تثيس، والذي كان يمتد حتي منتصف الأراضي المصرية، وما بعد محافظة الفيوم، تكون وادي العقبات نتيجة عوامل التعرية وسط الصحراء الغربية، فتكونت المئات من التلال الصخرية ذات القمم الشبيهة بـ"عيش الغراب"، في حين يتكون الجزء الأسفل منه من الصخور الطباشيرية التي تعود لعصر ما قبل الباليوسين.

أكتسب وادي العقبات، والذي يقع علي بُعد ما يقرب من 600 كيلومتر من القاهرة، وتبلغ مساحتها أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر مربع، اسمه من تلك العقبات الجغرافية التي حفرتها الطبيعه منذ ملايين السنين، فذلك الوادي مليئ بالتلال والصخور، إضافة إلى الكثبات الرملية التي شكلت عقبات أمام سكان الوادى و زواره.

ووفقًا لأستاذ الجغرافيا الطبيعية، بكلية الآداب جامعة المنصورة، الدكتور عبد الحميد أحمد، يُعد وادي العقبات أحد أهم وأشهر المزارات الطبيعية داخل الصحراء الغربية، كونه يقع بالقرب من تلال الصحراء البيضاء، والتي تكونت نتيجة الترسيبات الجيرية والبحرية، وعوامل التعرية طيلة ملايين السنين، ما أهله لإحتضان الكثير من الحيوانات النادرة المهددة بالإنقراض، مثل ثعلب الفنك، والغزال المصري والغزال الأبيض والكبش الأروى، إضافة إلى الحشرات النادرة والزواحف.

وكما يحكي وادي العقبات التاريخ الجيولوجي للأرض، يحكي أيضًا التاريخ الإنساني لسكان تلك المنطقة، فطبقًا لعلماء الأثار يحتوي الوادي الكثير من الأثار التي تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، فهناك العديد من المقابر والكهوف النادرة، وبقايا المومياوات القديمة والنقوش المنحوتة، وكذلك بقايا أثار لمنازل قديمة تابعة للعصر الروماني وبقايا أواني فخارية تؤكد أن يومًا ما عاش الإنسان علي تلك الأرض.

 

للاهمية التاريخية والطبيعية صنفت منظمة اليونسكو الصحراء البيضاء وما تحتوية من وديان، وعلي رأسها وادي العقبات، فى قائمة التراث العالمي، كأول حديقة جيولوجية مصرية، ما جعلها منطقة محببة لهواة الرحلات الاستكشافية، وهواة التصوير الطبيعي والفلكي، فعلي أرض وادي العقبات يمكن التقاط صور للسماء الصافية والنجوم بشكل واضح خلال فترات الليل، خاصة في الفترة التي تسبق وقت الفجر.

الأكثر من ذلك أن الطبيعة النادرة للوادي جعلتها محط أنظار الباحثين والفلكيين، لذا اختارته وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" لإجراء جميع الأبحاث التي تخص رحلات المركبات الفضائية المقرر إرسالها إلى كوكب المريخ، إذ إن سطح الوادي طبقًا لخبراء العلوم الفضائية الأقرب شبهًا بسطح الكوكب الأحمر، كما يقصد الوادي العديد من علماء الفلك لدراسة الظواهر الفلكية المختلفة، فعلى تلالها يمكن رؤية النجوم والكواكب وذراع المجرة وحركة النجوم.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية