اكتشف بالمصادفة عام 2010

"جبل كامل".. النيزك النادر الذي ضرب الصحراء الغربية منذ 5 آلاف عام

من أعماق الفضاء أتي، ومن خلف ملايين الأميال الضوئية جاء، ومن وسط الظلام السرمدي إنطلق، ونحو هذا الكوكب الأزرق المأهول إتجه، مقتربا من مداره ، ليخترق نطاق جاذبيته، ويرتطم به في حادث مروع، ليصنع فجوة عملاقة تظهر حتى الآن في جوف الصحراء المصرية.

 

"نيزك جبل الكامل".. وصف بإنه أندر النيازك التي أخترقت الكرة الأرضية، فمنذ 5 آلاف سنة عبر هذا النيزك أجواء الفضاء، وشق طريقه بين النجوم، ليختار موطنه الجديد، وسط صحراء مصر الغربية، ويخلف وراءه فجوة هائلة، وملايين من القطع المتناثرة التي تُشكل إحدى أهم مقتنيات مصر الجيولوجية في العصر الحديث.

 

في عام 2010 عثرت إحدى البعثات الجيولوجية المصرية الإيطالية على فجوة هائلة، تؤكد على إرتطام نيزك عملاق في هذه المنطقة، وكان أول من شاهد تلك الحفرة الباحث الإيطالي "فينتشنزو دي ميكيلي"، المنسق السابق لمتحف التاريخ الطبيعي بميلانو، عندما كان يمسح ويحلل الصور الملتقطة ببرنامج جوجل إيرث، عثر على تلك الحفرة التي تقع شرق العوينات، شمال شرق الوادي الجديد، على بُعد 2 كيلو متر شمال الحدود المصرية السودانية، كما تبعد 116 كيلو متر من الحدود الليبية.

بجوار الحفرة النيزكية عثر الفريق العلمي المشترك على 5 آلاف و178 شظية من شظايا هذا النيزك، تبلغ أحجامها ما بين واحد جرام و35 كيلوجرام، ويبلغ وزن مجموعها 800 كيلوجرام، أما أكبر عينة عُثر عليها فتزن حوالي 83 كيلوجرام، وهي الموجودة حاليا في المتحف الجيولوجي.

 

الدراسات الجيولوجية التي أُجريت فيما بعد أكدت أن النيزك المُكتشف كان يزن 10 أطنان، وإنه يتكون من 90% من الحديد، و10% من النيكل، وقد تحرك من منطقة الكويكبات الموجودة بين كوكبي المشترى والمريخ، وإن سرعته كانت قبل الارتطام بالأرض تبلغ حوالي 12 ألف كيلو متر في الساعة.

 

وتُعتبر الحفرة التي خلفها الارتطام واحدة من بين 15 حفرة مشابهة تنتشر على سطح الأرض، ولكنها تتميز عنهم جميعا، فالحالة البيئية التي توجد عليها الآن جيدة جدا، على خلاف الحالات التي توجد عليها قريناتها في جميع أنحاء العالم، حتى أن هذه الحالة البيئية لا يتواجد مثيل لها إلا على سطح القمر أو المريخ، كما أن مكوناته المعدنية تشكل العناصر الأساسية لمركز الأرض وكواكب المجموعة الشمسية، لذا فإن دراسة تلك المكونات لها أهمية كبيرة في دراسة تركيب باطن الأرض والكواكب.

يبلغ قطر الحفرة التي نشأت من اصطدام النيزك بالأرض، والتي تقع جنوب الجلف الكبير بالقرب من الحدود السودانية، حوالي 45 مترا، بعمق 16 مترا، وتسمى "فوهة كامل" نسبة إلى جبل كامل القريب منها، وتشير الدلائل أن الإرتطام كان بزاوية ميل وليس عموديا، ويعتقد العلماء أن كتلة النيزك لم تتفكك في الجو، إنما انفجرت عندما وصلت إلى الأرض، وهذا ما تسبب في صنع تلك الحفرة الكبيرة.

 

في عام 2012، أعلنت وزارة البيئة منطقة جبل كامل كمحمية طبيعية، نظرا لأهميتها، فتلك الفوهة فريدة من نوعها، وتوجد أعلى تكوينات الحجر الرملي المتكون من الكوارتز آرنيت، والتي يرجع عمرها إلى العصر الطباشيري، يعلوه طبقة محدودة من الرمال شمالا، وبأسفله توجد صخور القاعدة من عصر ما قبل الكمبري، ويحيط بالمنطقة العديد من الجبال، ومسارات الأودية الجافة القديمة، التي تنتمي لقرى إنسان ما قبل التاريخ، مما يجعل المنطقة تحمل الكثير من الأدلة التاريخية والأثرية والجيولوجية، كما تعطي للمنطقة مظهر جمالي فريد.

مجلة علمية معرفية وثائقية تتناول الشخصية المصرية